“قيصر” السوري يكشف هويته: كنت شاهداً على مذبحة إنسانية

مرصد مينا

كشف “قيصر”، أمس الخميس الذي كان وراء تسريب عشرات آلاف الصور التي وثقت عمليات التعذيب الوحشية في السجون ومعتقلات النظام السوري السابق، عن هويته للمرة الأولى بعد سنوات من العمل السري وذلك في مقابلة تلفزيونية مع قناة “الجزيرة” القطرية.

وقال رجل ذو لحية خفيفة غزاها الشيب، وهو يرتدي بزة رسمية وقميصا أبيض “أنا المساعد أول فريد المذهان، رئيس قلم الأدلة القضائية بالشرطة العسكرية في دمشق، المعروف بقيصر، ابن سوريا الحرة، أنا من مدينة درعا مهد الثورة السورية”.

وأضاف “كان عملي في مدينة دمشق… قيادة الشرطة العسكرية، وكنت أسكن في مدينة التل في ريف دمشق”.

وتحدث “قيصر”، عن تجربته المريرة في توثيق معاناة المعتقلين السوريين، مؤكداً أن مهمته كانت تقتصر على تصوير الجثث التي شوهها التعذيب، وهو ما قام به من عام 2011 وحتى عام 2013.

المذهان، تحدث عن ظروف عمله المروعة قائلاً: “كنت أقوم بتوثيق جثث الضحايا، شيوخاً ونساءً وأطفالاً تم اعتقالهم من قبل القوات الأمنية في العاصمة دمشق أو من ساحات التظاهر”.

وأوضح أن الجثث التي كان يلتقط لها الصور كانت لأشخاص تعرضوا للتعذيب بطرق دموية ممنهجة، وأن تلك الصور كانت تُرسل إلى المشارح العسكرية قبل نقلها إلى مقابر جماعية.

وتابع قائلاً: “كنت أشعر أن الصور كانت تتحدث إلي، كنت أعيش معاناتهم وأحمل أمانة إيصال معاناتهم إلى العالم الحر”، مشيراً إلى أنه كان يشعر بالقهر والذل عندما يرى معاناة المعتقلين.

كما تحدث المذهان عن بعض الضحايا الذين وثق صورهم، واصفاً الجثث بأنها كانت ملقاة بطريقة غير إنسانية وغير أخلاقية، حيث تم تعريتهم وتركهم في مشاهد قاسية أشبه بمسلخ بشري.

وأضاف أنه شعر بأن تلك الصور تكشف عن “آلة قتل تعمل ليل نهار يديرها أشخاص لا ينتمون للبشرية بأي شكل من الأشكال”.

وأكد أن أوامر تصوير تلك الجثث كانت تأتي من أعلى مستويات السلطة في النظام السوري، بهدف التأكد من تنفيذ أوامر التعذيب والقتل.

من خلال الصور التي جمعها، تمكن المذهان من توثيق جرائم ضد الإنسانية ارتكبها النظام السوري المخلوع، وهو ما أسهم في إصدار مذكرات محاكمة بحق بعض المسؤولين السوريين بتهم ارتكاب تلك الجرائم في محاكم دولية.

وأشار إلى أنه قرر الانشقاق عن النظام بعد جمع أكبر عدد من الصور التي وثقت تلك الجرائم، مشيراً إلى أنه كان يمر بظروف صعبة، حيث كان يقوم بتسريب الصور عبر بطاقة ذاكرة “فلاش ميموري” محمولة في أماكن مخفية مثل جواربه أو في ربطة الخبز، مهدداً حياته في كل مرة كان يمر فيها عبر الحواجز الأمنية التابعة للنظام.

وأشار المذهان إلى أن رحلته من سوريا كانت محفوفة بالمخاطر، حيث فرّ أولاً إلى الأردن ثم إلى قطر، وأوضح أنه يعيش الآن في فرنسا وسط ظروف أمنية فرضت عليه قيوداً شديدة.

وفي عام 2020، دخل قانون العقوبات الأمريكي المعروف باسم “قيصر” حيز التنفيذ، والذي فرض عقوبات اقتصادية على النظام السوري بناءً على الأدلة التي قدمها المذهان.

وفي ختام حديثه، دعا المذهان إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا بعد سقوط النظام السوري، قائلًا: “لقد زال سبب العقوبات بزوال نظام الأسد المجرم. اليوم، الشعب السوري والحكومة بحاجة ماسة إلى الدعم الدولي والإقليمي لبناء دولة حرة مزدهرة ومنفتحة على العالم”.

وشدد المذهان على أنه لا يحب آلة التصوير التي استخدمها في تلك المهمة، موضحاً أنها تذكره دائماً بمعاناة الضحايا الذين عذبوا وقتلوا، قائلاً: “هذه الكاميرا بالنسبة لي ليست مجرد آلة تصوير، بل هي ذكرى غير سعيدة مليئة بالمعاناة والآلام”.

Exit mobile version