fbpx

قيصر.. بين ركوب الخازوق والالتفاف عليه

السلطة تنتظر تداعيات قانون قيصر بالمكابرة، والمعارضة تنتظر صدوره بالرهانات على انهيار النظام، أما الناس.. ناس البيوت المرهقة واللقمة الصعبة، فيتابعون خطابات الطرفين وهم يقبعون تحت طائلة المجاعة، وجفاف فرص الحياة، والبطالة وسيضاف إليها احتراق محاصيلهم.

ناطقون باسم السلطة يقولون: 

ـ لدينا مخططاتنا لتجاوز العقوبات، أو لانتزاع مفاعيلها، ولا يخبروننا ما هي المخططات، حتى لتبدو المخططات وكأنما كتاب ممهور عليه (سريّ جدًا). 

والمعارضة تراهن على إسقاط النظام من خارجه، فما لم يسقط بالتحشيد العسكري يسقط بالعقوبات، فيما هي تراهن على سقوط الذي سيأتيها بالمجّان. 

العقوبات، ليست جديدة على النظام، فالنظام الذي يهاب ركوب الخازوق، استطاع الالتفاف عليه وهذا يحدث أقله منذ عقد من الزمان. 

والنظام بمواجهة العقوبات يحسبها، فالعقوبات على كوبا يزيد عمرها عن خمسة عقود، ومع ذلك استمر فيديل كاسترو بتدخين السيجار الفاخر، وقد أورث سيجاره وقصر رئاسته لأخيه فيديل، وكذا حال الإيرانيين، فالعقوبات لم تقلل من قوّة الملالي ولا من سطوتهم، وكان ذلك حال العراق منذ احتلال العراق وصولاً لاجتياح العراق وإسقاط النظام بالباتريوت وليس بحفّظات الأطفال.

النظام يدرك اللعبة، واقتصادياته المنهاره، لم تكن ولا في يوم من الأيام تدار من على الطاولة بل تدار من تحت الطاولة والمسارب كثيرة، فخطوطه مفتوحة على العراق، ومنافذه مفتوحة على لبنان، وهاهم الروس يستأثرون بميناء طرطوس، ولن تحتاج السفن الروسية الى أمر مرور أمريكاني لتصل ببضائعها الى الساحل السوري، وبالتالي، فاختراق العقوبات ليس ممكنًا فحسب، بل ومطلوب من قبل نظام يشتغل على السمسرة والفساد، ما يمنحه فرصة للمزيد من السيطرة والفساد، وهذه المرة سيكون غطاء الفساد مترافقًا مع الكلام عن العقوبات، مما قد يعفيه من مبررات الفساد التي لم يحتج اليها يومًا في مواجهة جوع الناس. 

بالنتيجة سيكون قانون قيصر استثمارًا جديدًا:

فـ :

ـ العقوبات والحصار لم تسقط أنظمة مماثلة لا في كوريا الشمالية ولا في ايران ولا في عراق صدام حسن، كما لم تسقط نظام القذافي، وهذا مايدركه النظام. ـ العقوبات ستعفي النظام من تقديم أي حجج على تغوّله بالفساد فجسد العقوبات لبّيس، وبوسعه إحالة كل فساد أيامه المقبلة على العقوبات وقيصر.

ـ العقوبات التي ستزيد من أوجاع الناس وآلام الناس، لابد وأن تشدّ عصب أنصار النظام وبيئة النظام، ليصبح النظام الفاسد والناس في مواجهة عدو واحد هو العقوبات. 

وبالنتيجة لن تكون العقوبات خازوقًا قاتلاً للنظام أقلّه لأن ركوب الخازوق قاتل فيما الالتفاف عليه بالغ السهولة بالنسبة الى نظام يتقن استراتيجة الالتفاف.

الإدارة الأمريكية تدرك ذلك، واكثر من ذلك لم تعلن يومًا خطة لإسقاط النظام، فسقفها لم يزد عن إصلاح النظام، وأي إصلاح؟

ـ إصلاح ما يستحيل إصلاحه

.الرهنات على الخارج ابتدأت منذ لحظة ترويج السلاح، ومنذ أن أصبحت سوريا بلد (يتهاوشون عليه)، ومنذ أن تدوّلت المسألة السورية بما جعل سلطتها رهينة لخارج، فيما ارتهنت معارضاتها لخارج آخر، مختلف في الكم ومتماثل في النوع، وبنتائج ساقطة لم يرتفع منها سوى عدد القتلى وعدد المهجرين وارتفاع منسوب الخراب. 

واليوم.. غدًا أو بعد أيام ستبدأ تطبيقات قانون قيصر، والسؤال: 

ـ هل ثمة قوة تلزم الصين بتطبيقه؟ اوتلزم الروس بتطبيقه؟ أو تلزم الايرانيين بتطبيقه؟ 

“قيصر” ليس أكثر من تدوير التدويل. هي ذي الحكاية فلا للنظام خطط كما يقول محازبيه، ولا لوهم المعارضة من اسناد جدي حتى تكون كل هذه الاحتفالات بالقانون والرقصات. 

هي كذبة ستضاف الى سابقاتها من الأكاذيب. أنه القدر السوري الأسود الذي لايطال بتداعياته سوى الناس.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى