مرصد مينا- العراق
يحذر مسؤولون عراقيون من كارثة بيئية، بدت ملامحها ظاهرة في منطقة الأهوار الخلابة جنوبي البلاد، بعد أن بدأت آخر أنواع الأسماك المتبقية في المنطقة بالنفوق، جراء انقطاع المياه من الجانب التركي، وارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف اللاهب، وسط ظروف صعبة دفعت سكان الريف إلى الهجرة نحو مصادر المياه للحفاظ على حياة الثروة الحيوانية الشهيرة هناك.
مدير منظمة الجبايش للسياحة البيئية في جنوب العراق، “رعد الأسدي”، أكد أن أعدادا كبيرة من الأسماك في الأهوار الوسطى نفقت إثر انخفاض مناسيب المياه بشكل كارثي، محذرا من كارثة مقبلة على المنطقة إن لم تتم معالجة الأمر.
وقال الأسدي في تصريحات صحفية اليوم الإثنين، إنه “في الفترة الأخيرة إثر انخفاض مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات وانعكاس ذلك على الأهوار الوسطى التي تتغذى من الفرات الذي قطعته تركيا بالكامل باتجاه العراق، لوحظ نفوق كميات كبيرة من الأسماك في مجرى أبو صوباك والسحاكي والكسرة وهي جزء مهم من الأهوار الوسطى والتي تعتبر عمق الأهوار”.
كما حذر قائلا ً: “للأسف الشديد نحن مقبلين على كارثة إذا لم يتم تدارك الأمور وتوفير حصة مائية كافية للأهوار قبل فوات الأوان”.
وبحسب الأسدي، فإن الأسماك بدأت بالنفوق منذ أسبوع بسبب ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الملوحة وانخفاض مناسيب المياه، كما أنه من المرجح نفوق المزيد من الأسماك والجاموس وباقي الحيوانات الأخرى إذا لم تحل المشكلة عاجلا.
“الأسدي” أشار أيضا، إلى اختفاء عدد من الأسماك العراقية منها البني التي باتت أعدادها قليلة جدا في الأهوار، أما الكطان فقد انقرضت من الأهوار الوسطى، وحاليا بدأت أسماك الكارب والبلطي بالنفوق.
في سياق مماثل، كشف “الأسدي”، أن معدلات الملوحة أصبحت عالية جدا في الأهوار، والجفاف أصبح يسيطر على مساحات كبيرة منها.
وخلال حديثه، قدم “الأسدي” مقترحات لإنقاذ الأهوار من الجفاف ونفوق الثروات السمكية والحيوانية، تمثلت في “توزيع الحصص المائية على المحافظات رغم قلتها ومحاسبة المتجاوزين على هذه الحصص”، منوها إلى أن أكثر من ألف بحيرة مائية خاصة بالأسماك تتجاوز على الحصص خصوصا في محافظتي واسط وكربلاء بالإضافة إلى أمور أخرى ترجع لسوء إدارة ملف المياه في العراق.
وتابع، أن الحال وصل بالأهوار إلى نفوق الأسماك اليوم، وإذ استمر الوضع على ما هو عليه ممكن أن ينفق الجاموس لافتا إلى بدء هجرة بعض سكان مناطق الأهوار.
وأفاد الأسدي، بأن هور الحويزة في ميسان أنتهى بالكامل وأصبح الجفاف يسيطر على أكثر من 90% منه، وهذا مصير كل الأهوار بسبب سواء إدارة ملف وستراتيجية المياه في العراق.
يشار إلى أن سكان محافظة ميسان، أطلقوا خلال الأعوام الماضية حملات لإنقاذ الأهوار في مدينتهم، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبثوا من خلالها صورا تظهر الجفاف الذي أكل من جسد نهر دجلة، لدرجة أن الأطفال نزلوا إلى منتصف النهر الذي جف تماما، للعب الكرة والمرح بالتراب.
واستطاع العراق، أن يدخل بأهوار من ميسان، على لائحة التراث العالمي، بعد أن كانت تواجه الجفاف والهلاك لسنوات طويلة وحدها دون منقذ تموت معها نباتات القصب والبردي التي استخدمها السومريين للكاتبة المسمارية العائدة إلى 300 سنة قبل الميلاد.