أن يعيش لبنان بلا كهرباء، فهذا امر مفهوم وقد أنفق من خزائنه على الكهرباء ما يستعيد ما أنتجته وصايا اديسون، أما أن يعيش بلا ماء فهذا ثقيل على بلد يراكم الثلج على “صنينه” حتى في عز الصيف، ووراء كليهما، الماء والكهرباء، يد فاسدة شححت المياه وألغت الكهرباء، وهي ذات اليد التي أغلقت المدرسة، وجعلت الرغيف مطرود من موائد اللبنانيين، وحين نقول اليد، فلابأس أن نقول يد الفساد، وقد اختلفت المرجعيات اللبنانية على كل شيء ولم تتوافق سوى على الفساد، ومن لم يكن من بينهم فاسد واحد فليرجم من تبقى بحجر، غير أن هذا لن يحدث، ويوم هتف مشاغبو لبنان “كلن يعني كلن” فلم يكونوا مخطئين أبدًا، ففي واقع الحال “كلن” وقد يقف على رأس التلّة نبيه بري الذي يدير الفساد، ويشتغل على تقاطعاته، بما يسمى تدوير الزوايا وهو الاكثر معرفة وخبرة وتراثًا في تدوير الزوايا إياها حتى بات غطاء لحاكم مصرف لبنان، وشريكًا لوليد جنبلاط وسمير جعجع بالفساد، ومتستر على جرائم حزب الله، ومعاد للتيار السياسي دون أن يكون عدوه في فساده، واليوم يحار اللبنانيون في رئيس قادم، كما يحارون في الموقف من رئيس أوشك أن يغادر، والكل يشتغل على توليد رئيس يقبل به الكل، ما يعني يقبل به الفاسدون وبغطاء من مرجعيات دينية ليست سوى امتدادات لفساد المرجعيات السياسية، وهكذا يتحوّل البلد من ماضي المجاعة إلى مستقبل المجاعة وسط تواطؤ دولي فظيع، شعاره محاربة حزب الله، وفي حقيقته ليس سوى حرب على اللبنانيين كل اللبنانيين، مع علمه، وبكامل علمه أن حزب الله دولة داخل دولة، إن جاعت الدولة الأصل، فللدولة الفرع معاشاتها وسلاحها وتموينها ومازوتها من إيران، وليس ثمة من يشتغل على انتشال البلد من الانهيار، أقله والانهيارات واضحة، والأيد الآثمة واضحة، ومن يحميها بالغ الوضوح، فهذا مرفأ بيروت مدمر، وهذا جيش لبنان محروم من الوصول الى ثكناته، وعلى كل مفرق من الحياة اللبنانية مأزق، حتى بات بلد المأزق الذي يستولد مأزقًا بعد أن كان الحل في البحث عن مأزق يستولد حلاً ، والأغرب من هذا وذاك أن مايحدث، إنما يحدث في بلد الكاتب والأديب والموسيقي والمؤرخ، بل في بلد رجال قانون يتباهى العالم والعلم بهم كمرجعيات قانونية، ويقد تحوّل إلى بلد تاه فيه القانون.
بلد يسبح فوق الغاز بلا غاز منزلي، ويننتج أرفع الأدباء والمفكرين وهو بلا مدرسة، وله من الخبرات الطبية ما يثري ومشافيه مُفقِرة.. بلد ثلوجه لاتذيبها شمس تموز، وهو يعطش.
لبنان الفساد، لايفتح للبنان الإعمار طريقًا.
ما الذي يمنع الناس بإحراق المعبد على من فيه؟
ويخافون الفوضى!!