كما لو أن “الفايننشال تايمز” تقول لقرائها: ” ياليلة ماكانتش”، و “الفايننشال تايمز” تقول ذلك بعد قراءتها لعشر سنوات مرت على الاطاحة بالقذافي ومن ثم اغتياله، فكاتبها وهو “ماتياس هونكبي” ويحمل الرجل صفة رئيس مكتب مالي لمبادرة المجتمع المفتوح لغرب إفريقيا، يقول أنه “”بعد عشر سنوات، يمكن رؤية العواقب خارج ليبيا، في المهاجرين. الوفيات في القوارب على البحر الأبيض المتوسط، ومعسكرات الرقيق وبيوت الدعارة على الأرض، وفي الانهيار الأمني عبر منطقة الساحل الغربي الذي أودى بحياة الآلاف وشرد الملايين وأغرق فرنسا فيما يعتبره البعض حربها الأبدية”.
يضبف الرجل”أصبحت ليبيا نقطة ضعف لجميع البلدان المجاورة .. مالي والنيجر وتشاد، كل هذه البلدان إلى حد ما تواجه مشاكل لأننا لا نتمتع بالاستقرار في ليبيا”.
ينقل “ماتياس هونكبي” عن إيفان غويشاوا، المتخصص في منطقة الساحل في جامعة كنت البريطانية “كانت منطقة الساحل شبه القاحلة الواقعة أسفل الصحراء والتي تعد موطنا لبعض أفقر دول العالم، منذ فترة طويلة منطقة غير مستقرة. لذلك من المفيد التفكير في سقوط القذافي ليس كسبب مباشر للاضطرابات الحالية ولكن باعتباره عامل تسريع للديناميكيات الجارية منذ فترة طويلة في المنطقة”.
ويتابع نقلاً عن غويشاوا “كانت حركات التمرد هذه في بوركينا فاسو والنيجر ومالي جاهزة بطريقة ما للانفجار وتحتاج فقط إلى نوع من الدفع، زناد .. وكانت ليبيا هذا الزناد”.
ـ وبعدها؟
“بعدها تعرضت مالي للعديد من الثورات على مر السنين، لكن المقاتلين – سواء من ثوار الطوارق أو الجهاديين – هم الذين غرزوا أسنانهم في ليبيا، مسلحين بترسانة القذافي والمال، الذين استولوا أخيرا على شمال مالي، مما ساعد على شل الحكومة، في العاصمة باماكو. تدخلت فرنسا في عام 2013 وكانت هناك منذ ذلك الحين”.
ويضيف “منذ ذلك الحين، رسخت الجماعات الجهادية نفسها بشكل أعمق في المنطقة، مما جعلها واحدة من أهم الجبهات للقاعدة وداعش. استلهم المتطرفون في بوركينا فاسو المجاورة الإلهام من نظرائهم الماليين وشنوا تمردهم المحلي الذي أدى إلى زعزعة أمن البلاد. استغل الجهاديون التوترات العرقية القائمة في كلا البلدين وملأوا فراغات الحكم التي خلفتها دولة مهملة”.
لكن كورين دوفكا، مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش في غرب إفريقيا، تقول إن “ارتباط ليبيا بانعدام الأمن في منطقة الساحل مبالغ فيه تماما .. وتضيف أن الغالبية العظمى من الأسلحة المتداولة الآن هي من الهجمات التي شنها (الجهاديون) ضد قوات الأمن .. أو أنهم يشترون فقط في السوق المفتوحة”.
سيعلق الكاتب “ما لا خلاف عليه هو أن المهاجرين قد سافروا لفترة طويلة عبر الصحراء للوصول إلى أوروبا. في سنواته الأخيرة، عمل القذافي كمنظم، فقام بتشغيل وإيقاف التدفقات كوسيلة لانتزاع الامتيازات من الاتحاد الأوروبي وإيطاليا. ولكن مع مقتل الطغاة، ملأ المهربون والميليشيات الفراغ. بعد الثورة، كان اقتصاد التهريب (قادرا) على توسيع قدرته وخطوط عرضه اللوجستية، والعمل مع إفلات أكبر من العقاب من أي وقت مضى”.
بعد قراءة الفايننشال تايمز، وكأننا نقرأ بيانًا في “الدفاع عن الطغاة”، فما بعد سقوط الطاغية، سيتمدد الطغيان.
ـ أي ّ يأس سيلحق بمن هتف:
ـ يسقط الطغيان.
كلام يقول:
ـ كونوا عبيدًا (كما تشاؤون).