مرصد مينا – لبنان
كشفت مصادر لبنانية مطلعة، أمس السبت، أن هناك تحركًا فرنسيًا جديدًا باتجاه لبنان، وذلك لإبعاد الأوضاع اللبنانية عن ارتدادات مأزق الرئاسة الأمريكية، وما قد يترتب عليه من انعكاسات متفجرة على مستوى المنطقة.
وسائل إعلام عربية نقلت عن مصادر مطلعة قولها إنه من المقرر أن يصل إلى العاصمة بيروت، يوم الأربعاء المقبل، وفدا من مجلس الشيوخ الفرنسي لإجراء محادثات مع المسؤولين اللبنانيين الرسميين وغير الرسميين وبينهم رجال الدين، وفي طليعتهم البطريرك الماروني “بشارة الراعي”.
وبحسب المصادر، تأتي زيارة الوفد الفرنسي بهدف حث جميع الأطراف اللبنانية على تبريد الوضع الداخلي، تمريرًا لعاصفة الرئاسة الأمريكية، وما قد يستبقها، او يستتبعها من أحداث، مع اقتراب تنصيب الرئيس “جو بايدن”.
المصادر أكدت أن السفارة الفرنسية في بيروت تولت تحديد مواعيد للوفد مع الشخصيات التي يعتزمون لقاءها.
كما اوضحت المصادر، أن في طليعة اهتمام الشيوخ الفرنسيين، التأكيد على استمرارية المبادرة التي أطلقها الرئيس “إيمانويل ماكرون”، لكنها استبعدت أن يحقق الزوار الفرنسيون، على مستوى معالجة جوهر المشكلة المتمثلة بتشكيل “حكومة مهمة” من اختصاصيين، أكثر مما حقق الرئيس الفرنسي نفسه.
يشار الى أن مبادرة الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” تعتمد على ضرورة الإصلاحات والذهاب إلى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لإنقاذ البلد ماليا، فضلا عن استقلالية القضاء الذي سيكون الطريقة الوحيدة لمحاربة الفساد.
ولم تنجح جهود رئيس الحكومة اللبنانية المكلف “سعد الحريري” يوم في تذليل العقد العالقة أمام تشكيل الحكومة، نتيجة إصرار الرئيس “ميشال عون” على المطالبة بوزارتي العدل والداخلية، إضافة إلى الدفاع، وهو ما يرفضه “الحريري”، حسبما كشفت مصادر لبنانية مطلعة في وقت سابق.
وكان “الحريري” تحدث عن تعقيدات وعن الثقة التي ضاعت بين الأفرقاء خلال السنة الماضية، مع تأكيد على ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة قائلا: “كنا نتمنى أن تكون هناك حكومة قبل ذلك، لكن ربما لا تزال هناك تعقيدات واضحة في المشاكل الموجودة بالسياسة، لكني أقول إلى اللبنانيين، لا يقولن أحد لكم أننا غير قادرين على وقف الانهيار، والأهم أن هذا الانهيار يحتاج إلى حكومة لتوقفه”.
وبحسب المصادر فإن الخلاف بين “عون” و “الحريري” لا يزال عالقا عند أربع نقاط جوهرية، تتمثل الأولى في رفض عون تقليل حصّته وحصّة “التيار الوطني الحر” في الحكومة الى حدود دنيا لا تنسجم مع حجم وموقع كليهما.
ويطرح الحريري أن توزّع الحصّة المسيحية في الحكومة بين 5 وزراء يسمّيهم عون وفريقه، ووزيران للمردة ووزير للحزب القومي ووزير يسمّيه الحريري.
هذا الموضوع كان بنداً اساسياً في حركة الاتصالات التي توالت في الايام الاخيرة، ولكن من دون التمكن من الوصول الى حل وسط حياله.
وتتمثل نقطة الخلاف الثانية حسبما كشفت المصادر، في إصرار الرئيس “عون” على تسمية 7 وزراء مسيحيين في الحكومة يشكّلون الثلث المعطل، مقابل رفض “الحريري” وإصراره على تضمين حصّته في الحكومة وزيراً مسيحياً، وكذلك رفضه بشكل قاطع منح اي طرف بعينه الثلث المعطل، على اعتبار انّ هذا الثلث بمثابة الإجازة لهذا الطرف بأن يتحكّم بالحكومة كما يريد، ويعدمها ساعة يشاء.
أما نقطة الخلاف الثالثة، فتتعلق بحقيبتي الداخلية والعدل، حيث يصر الرئيس “عون” على الاحتفاظ بالحقيبتين.
وتقول المصادر أن “هذا الأمر سبق أن جرى بتّه خلال اللقاءات بين عون والحريري، التي عُرضت فيها مسألة توزيع الحقائب على الأطراف، لكن الحريري عاد وأكد تمسكه بالداخلية، وعدم إسنادها مع وزارة العدل الى عون وفريقه”.
وبحسب المصادر فإن هناك من دعّم موقف الحريري بعدم منحهما لعون وفريقه، بالتخويف من أنّ اسنادهما الى عون وفريقه، معناه تحكّمه بالجانبين الامني والقضائي، إضافة الى الجانب العسكري عبر وزارة الدفاع، الأمر الذي قد يؤدي الى ترجمة التحّكم بالجوانب الثلاثة، بخطوات لها ابعاد سياسية وغير سياسية ضدّ هذا الطرف او ذاك.
وتشير المصادر الى أن نقطة الخلاف الرابعة ظهرت، بعد عودة الرئيس ميشال عون الى طرح توسيع الحكومة الى 20 وزيراً، فيما يصر الحريري على حكومة من 18 وزيراً.
وكان “الحريري” أكد خلال كلمة متلفزة منتصف الشهر الماضي، أنه لن يتوقف عن تشكيل حكومة اختصاصيين، مشيرا الى أن هذا ما يريده أيضا الرئيس “عون”، وموضحا في الوقت ذاته أن الخلاف مع عون على أمور أخرى، وربما مرده إلى الثقة التي قد تكون ضاعت خلال السنة الفائتة، والتي يجب إعادة بناءها بين الأفرقاء.
وقال “الحريري” حينها، إنه “على الجميع أن يعرف أن السياسيين لم يعد لديهم وقت، وعلى السياسيين أن يعرفوا أيضا أن البلد ينهار بشكل سريع جدا. والإسراع في تشكيل حكومة هو الأساس، على أن تكون حكومة اختصاصيين وخبراء يعرفون ماذا يفعلون، دون أن يكونوا مسيسين”.