يبقى مصير الشمال السوري الأكثر تعقيدا، رهناً بسلسلة من التفاهمات العالقة في الميدان السياسي بين الفاعلين والمؤثرين الدوليين، أهمها حسم مصير “خارطة منبج” التي مضى نحو عاملين، على مراوحتها في مكانها، بيد انه ثمة اجتماعات رفيقة المستوى أعادت الملف الى الواجهة من جديد، حيث من المقرر أن يجتمع طرفا الاتفاق، الأمريكي والتركي لبحث سبل تفعيل “اتفاق منبج” المبرم منذ حزيران 2018، والقاضي بسحب “قوات سوريا الديمقراطية” التي يرمز لها اختصار “بقسد” من المدينة.
ويتوقع أن يستمر الاجتماع لمدة يومين، الخميس والجمعة، وسط تكهنات بعدم جدواه وسط التوتر الأمريكي التركي الحاصل، جراء إصرار تركيا على شراء منظومة الدفاع الصاروخية الروسية “إس 400” بالرغم من التحذيرات الأمريكية والتي انتهت بحرمان تركيا من الاشتراك بتطوير طائرات “إف 35″، ولكن اللافت قول وكيلة وزارة الدفاع الأمريكية “إيلين لورد” في وقت سابق “إن كل الخطوات التي اتَّخذتها الولايات المتحدة يمكن الرجوع فيها”.
ومن المفترض – وفق اتفاق منبج – أن تخرج قوات “قسد” من المدينة خلال 20 يوم، ليشكل مجلس محلي من السكان الأصليين، أصرت أنقرة على اخضاعه لإشرافها، وهو الأمر الذي لم يحصل، ما أجبرها على تكثيف اجتماعاتها مع الجانب الأمريكي، بالرغم من تعاظم التوترات التي شهدتها علاقة البلدين.
وفي هذا الاطار قال الخبير العسكري “مروان صوان” في تصريح لمرصد “مينا” إن “المباحثات بين الولايات المتحدة الامريكية وأنقرة حول منبج، تشير إلى رغبة الطرفان في الحفاظ على الحلف الطبيعي بين واشنطن وتركيا، بالرغم الى ما يتعرض من برودة وجفاوة، ومنافسة احيانا، والتي أجبرت الأخيرة الى التوجه نحو روسيا وعقدت معها مجموعة اتفاقيات هامة”، فيما يعتبر مراقبون، ان تركيا تسعى في هذا الاجتماع إلى مناقشة موضوع “المنطقة الآمنة” والخروج بقرارات تنفيذية مهمة.
وبالرغم من استبعاد حدوثه، إلا انه وفي حال نفذ اتفاق منبج ستكون تركيا قد أمنت حدودها الجنوبية بعمق 32 كم، إذ تصنف تركيا قوات سوريا الديمقراطية كمنظمة إرهابية، وذلك بسبب الأطماع التي تحملها “قسد” اتجاه الدولة التركية، فيما تراه حقاً لها في تشكيل دولة كردية قائمة على أساس قومي ومستقلة، تجتزئ قسماً من الأراضي جنوب تركيا، وشمال سوريا والعراق إضافة لقسم من الأراضي الإيرانية الشرقية.
وقبل عدة أيام صرح الرئيس التركي بأن لقاءً أمريكياً تركياً مرتقباً سيجتمع في الطرفات خلال الايام القادمة للبحث في الشأن السوري، كما أن وزيري دفاع البلدين أجريا اتصالات يوم الجمعة الماضي، 12 تموز الجاري، واتفق الوزيران على إرسال وفد أميركي إلى تركيا لبحث مواضيع عدّة.
وعلى ضوء ما تقدم، يشير التباطؤ في ملف منبج إلى رغبة أمريكا في الحفاظ على التواجد العسكري ونقاط مراقبة ونفوذ لها في سواء داخل المدينة او في الارياف المحيطة بها، وهو ما عزاه الخبير العسكري والاستراتيجي “محمد العطار” في حديث لمرصد مينا الى “ما تتمتع به المدينة من اهمية استراتيجية، كونها تتوسط المنطقة ما بين ريف حلب الشمالي وريف محافظة الرقة، وخلفها مناطق سيطرة قوات النظام السوري وروسيا”.
مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الاعلامي