fbpx
أخر الأخبار

لا أموات لندفنهم، ولا أحياء لنقيم لحياتهم الأفراح

لنقل أن الحرب في سوريا انتهت، أو آلت إلى الانتهاء، ولنقل أيضًا أن النظام انتصر، وكليهما لا الحرب انتهت، ولا النظام انتصر، فالاستعصاء هو الصيغة السورية الراهنة، وهو الوصف الذي لايحمل كامل الدقة وإن حمل بعضها.

لنقل كل ذلك مستسلمين، ولكن هل تنتهي دماء الناس إلى النسيان؟

أيضًا، لنقل أن ضحايا الحرب باتوا منسيين، فالموت لايحث على التذكر، غير أن ما لايمكن نسيانه، هو حال آلاف آلاف المعتقلين والمغيبين والمقطوعة أخبارهم، فلا هم مع الأموات لتقام لهم مراسيم الجنازة، ولا هم مع الأحياء لتقبل التهاني وإقامة الأفراح، وهكذا فمئات آلاف العائلات تنتظر على بوابة الدار قدوم مغيبها أو خبر عنه، فيما قضية المعتقلين في الثلاجة.

ـ لاهيئات دولية تسأل وتتقصى.

ـ ولا منظمات سياسية أو أهلية تسأل وتتابع وتجيب.

وبطبيعة الحال ففصائل المعارضة منشغلة بتقاسم الغنائم فيما الناس يرزحون تحت وطأة المجاعة والفقر والفقد والانتظار.

كل الحروب تنتهي بـ :

ـ تبادل الأسرى أو دفن الموتى.

يحدث ذلك باستثناء التجربة السورية، وهي التجربة الأكثر مدعاة للبؤس والفجيعة، وربما الأكثر تراجيدية  في تاريخ الحروب، أقله فيما يتصل بمسألة المغيبين والمفقودين ومجهولي المصير.

ثمة أسماء بارز من بين المعتقلين، أو بالأصح “مجهولي المصير” والأسماء ربما ظهرت على نحو مكثف بسبب مواقعها الاجتماعية والسياسية، وربما نضالاتها المشهودة في سبيل الحرية والخبز والعدالة، غير أن آلاف مؤلفة من الشباب المغيبين، خارج أي تداول، وأي تقص، بل وحتى خارج الذواكر سوى ذواكر أهاليهم من أمهات وآباء، ما جعل نضالاتهم تذهب هدرًا، حتى لو طرحنا سؤالاً افتراضيًا على أحوالهم الافتراضية، وكان السؤال يقول:

ـ ما الذي أنجزتموه.

فستكون الإجابة:

ـ ليتها لم تكن.

و “ليتها لم تكن”، هي الإجابة / رد الفعل / على تجاهل دماء هؤلاء، بما جعل تضحياتهم مجرد “عابرة في التاريخ” وحياة الإنسان ليست عابرة إذا ماقلنا أن للإنسان روح وقلب وآمال وحقيقة حياة.

لجان لصياغة دستور، ولجان للتصالح مع السلطة، ولجان لتداول سلطة المعارضة في معارضة عنوانها بات العصابة، وليس ثمة مجموعات حقيقية وفعلية وجادة تشتغل على قضية المعتقلين والمغيبين، باستثناءات فردية محضة، سقفها بيان على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما المجهول يحيط بحياة الغائبين.

غياب للمنظمات المشتغلة على حق هؤلاء في تبيان مصيرهم.

وغيبوبة تطال الحالة السورية وقد بات عنوانها:

ـ أيّ معنى لكل تلك الأثمان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى