لا تشربوا الكوكاكولا

مرصد مينا

إبان الحرب الأمريكية الفيتنامية، اطلق الفيتناميون أغنية من كلمتين “لا تشربوا الكوكاكولا”، لا تشربوها تلك، فعلت في أمريكا ما لم تفعله  سرايا مقاتلين، والمعاصرون لتلك الحرب كانوا على علم بأن خطابات “هوشيه منه”، على ندرتها، لم تكن لتتجاوز بضع كلمات.

لو جمعنا خطابات حافظ الأسد، وأضفناها إلى خطابات معمّر القذافي، ثم دفعنا إلى خطاباتهما خطابات صدّام حسين، لأثقل مجموع تلك الخطابات شاحنات من شاحنات نقل الحصى والخرسانة، كلّه، دون أن نحاول لملمة خطابات بشار الأسد التي تخلو من السياسة وتُكثر من النبوءات.

حرب غزة اليوم ستفضح الخطباء، وربما اول من سيُفتّضح، سيكون “علي خامنئي” فهو أيضاً خطيب لا يمل الكلام، وخطاباته لا تخلو من “القدس”، والمسجد الأقصى، حتى تكاد تعتقد أن الرجل عانى حرماناً طويلاً من الامومة فاختار أمّه لتكون القدس، وفي الطريق إليها ما الخطوة التي خطاها لنذهب معه والامّة الإسلامية ممسكة بذيل عباءته؟

كي لا نتحوّل إلى خطباء مطوّلات، يكفي طرح تساؤلات لابد أنها “مُغرِضة”:

ـ من هي الدولة التي دخلتها إيران دون أن تُحدِث خراباً فيها؟ ومن ثم ما هو الخراب الذي تسبب به لإسرائيل في الطريق إلى بيت المقدس؟

ـ دخل سوريا، فكانت النتائج ما بعد التدمير، تقسيم البلاد، واستثمار الفساد، وفرض سطوة الحرس الثوري على الجيش الوطني، حتى تحوّل الجيش برمته إلى عصابة وميليشيا، وتحوّل “قصر الشعب” إلى دكانة بلا بضاعة في إدارة “قاسم سليماني” فيما سبق، وإلى “بسطة” لـ “قا آني” ما بعد رحيل سليماني.

ـ اسقط صدام حسين في العراق، فاحتلت ميليشيات إيران العراق، حتى بات العراقيون يترحمون على “دكتاتورية” صدام حسين ويتوقون شوقاً إلى الاحتلال الأمريكاني.

ـ وضع اليمن / العربي / في مواجهة الخليج / العربي/ فطالت صواريخ الحوثي أرض الحجاز، فيما ظلّت طريقها عبر يوميات حرب غزة إلى إسرائيل.

ـ فكك منظمة التحرير الفلسطينية، ما جعل الضفة في واد وغزة في واد، حتى تشققت فلسطين، فأجهضت الدولة ولم تنتصر الثورة.

وأخيراً رفعت من سقف فريق محور المقاومة، وحين قاومت “حماس” بحربها على إسرائيل، تبرّأ علي خامنئي من مقاومتها مؤكداً بلسانه ومن ثم بلسان حسن نصر الله، أنه لم يكن يعلم، و “لم يكن يعلم” لم تأت في صيغة إنباء بقدر ماجاءت بصيغة “إبراء”، بما يعني :

ـ إذهب أنت وربك وقاتلا.

فإذا ما فزت بالحرب، فالمجد للـ “الداعم”، وإذا ماخسرتها تخسرها وحدك.

تلك هي إيران، وإيران، ومن قبل الخميني ومع الخميني ومن بعد الخميني، لم تكن سوى الحلم الإمبراطوري الذي يتوسع بلحم غيرها.

تلك إيران التي تُطيل الخطابات، وتلك ميزة توارثها حلفاء إيران، حتى لم يكن بمستطاعهم إلاّ إطالة الخطابات، وآخرها كان خطاب حسن نصر الله واستمر إلى قرابة 80   دقيقة، ثمانون ستحتاج إلى تأويل وتفسير ومن ثم إعادة تأويل وتفسير، دون أن تقول:

ـ لا تشربوا الكوكاكولا.

Exit mobile version