fbpx
أخر الأخبار

لا نتنياهو جاكوب زوما، ولا اسماعيل هنية نيلسون مانديلا

في اليوم التالي لهزيمة (1967)، أطلق على الهزيمة لقب (نكسة)، كما لو أن اللغة تنقذ سيناء والجولان والضفة من الاحتلال، وبعد اليوم التالي، أكد الإعلام (وإعلام البعث على الخصوص)  بأنها “هزيمة عسكرية ونصر سياسي”، ومن يومها  كانت الوقائع تحكي عن:

ـ احتكار الأنظمة العسكرية للمنطقة وتأبيد الدكتاتوريات، ليس ذلك فحسب، بل تعطيل التنمية، وتخليف الاقتصاد، وضرب كل أشكال البورجوازيات الصاعدة التي تمثل الحامل الاجتماعي للسياسة والثقافة والمدنية.

أكثر من ذلك، أغرقت القوى المدنية، فأخذت المعارضات أشكال الأنظمة، في عبادة الفرد، وتوريث الابن، وصلافة الحاكم.

ومازال الزمن متوقفًا كما لو (جلمود صخر).

التمييز بين النصر والهزيمة بات سائلاً، حتى يأخذ شكل الإناء الذي يوضع فيها، فما من محددات لـ “هزيمة” أو “نصر”، ولا من ميزان يُحتكم اليه.

المقياس الوحيد هو:

ـ صمود القائد.

أما عن صمود القائد، فهو الصمود في غرف المؤامرات، والسمسرات، ونهب المال العام، وإشادة السجون.

فقط إشادة السجون، حتى تأخذ المدرسة شكل السجن، وكذلك المشفى، وحتى البيوت السكنية التي تحزّم المدن بالهوامش، وتجعل من فقراء المدن ضحايا الأنظمة وشعاراتها.. تأخذ شكل السجن.

واليوم..

هاهو إطلاق النار قد توقف على غزة، بعد أن بادرت “غزة” بإطلاق النار، وبعد أقل من ساعات على توقف اطلاق النار، بدأت الاحتفالات بـ “الانتصار المدوي”، وأيضًا دون الاحتكام الى أي من مقاييس الانتصار او الهزيمة، ودون أية مراجعات لحقائق الميدان، وحجم الضحايا، وانعكاساتها على (هنا وهناك)، وعلى كلا الطرفين المتحاربين:

ـ الحكومة الإسرائيلية، التي يقودها يميني متشدد، وحماس التي تشتغل عند آيات الله، مرة بالمقاولة وثانية بالقطعة.

احتفالات بلا أية مراجعات أو حسابات.

ـ مايزيد عن (250)، شهيدًا فلسطينيًا مقابل عشرة من الإسرائيليين، ليس من بينهم جندي واحد.

ـ تهديم عشرات البيوت الفلسطينية مقابل شظايا نالت من بعض زجاج البيوت الإسرائيلية.

ـ خلق اصطفاف يميني وديني متشدد في إسرائيل، وشدّ العصب اليهودي، في بلد له من قوى السلام ما يكفي لإزاحته من موقع الثكنة إلى موقع المدينة.

ـ يقابله تأبيد حكم “حماس” و “الجهاد لإسلامي” لغزة، بطغيانهما، وقد حوّلا غزة إلى سجن كبير أي منه السجون الإسرائيلية.

هي المقايضة الصريحة، نصر اليمين الإسرائيلي، مقابل نصر “حماس والجهاد”، ولكل شعاراته:

ـ الأول يخوض حرب “أرض الميعاد”، والثاني يخوض حرب “ميعاد الأرض”، ولا هذا ولا ذاك سوى طغم للمزيد من تشريد السكان واقتلاعهم، فمن لم يهاجر بركوب البحر، يهاجر بجواز سفر أنيق، وما بين كل حرب وحرب:

ـ وقف لإطلاق النار يسمونها “هدنة”.

والتجارب تحكي.. التجارب تحكي عن حروب بدءًا من:

ـ 1948/ 1956/ 1967، 1973/ 1982/ 1996/ 2000/ 2006/ 2014/ وهاهي حرب غزة، والسؤال :

ـ ما الذي حصدته كل تلك الحروب؟

أناشيد ركيكة، وخطابات مفعمة بالجرأة، فيما الناس يركضون وراء الرغيف، ويبحثون عن مساحة تكفي لدفن شهيد.

يبحثون عن معنى حقيقي يحتكمون اليه لتحديد: متى يكون النصر، أو كيف تكون الهزيمة؟

وعلى أهل الضحايا إعلان الأعراس احتفالًا بموت أطفالهم.

حروب لن تتوقف، والكل غرقى، والغارق أكثر هو من يمجّد غرقه.

ذات يوم، كان لجنوب افريقيا رجلين:

ـ جاكوب زوما، ونيلسون مانديلا.

رجلان يعرفان بالتمام والكمال ما معنى النصر وما معنى الهزيمة، ما معنى النضال من أجل الحياة وما معنى حث الخطى إلى الموت، فأنعما على جنوب افريقيا بالسلام.

في لعنة العرب لابنيامين نتنياهو يساوي جاكوب زوما، ولا اسماعيل هنية وعلي خامنئي يشبهان نيلسون ما نديلا.

والموجة تجري وراء الموجة عايزا اتطلها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى