هي ثروة تعوم على أحواض واحدة، مصيرها إما إشعال المنطقة.. المنطقة برمتها، وإما إحياء شاطئين، اولهما يعاني الفاقة ويقف على بوابة الانهيار، والثاني سيزيد من ثروته، فحقول الغاز التي تتحول إلى منافسة شديدة الوطأة مابين لبنان وإسرائيل، ستكون نعمة أو نقمة، ولا وسط مابينها.
لبنان الرسمي، بتعبيريه في رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة، قدما مايكفي من حق بلدهما بثروة بلدهما، والمسألة لابد من العثور على حلولها بالتفاوض والتفاوض، ولاسبيل آخر إن لم يكن الدمار.
“حزب الله” وقد مارس وصايته على اللبنانيين، أرسل ثلاث مسيرات نحو طوافة الغاز في حقل كاريش، والمسيرات الثلاث برمزيتها “بيان حرب”، وهو ما قد يتحول بخطأ في الحسابات إلى “حرب”، وكان إرسال المسيرتين تحت مظلة “حماية ثروات لبنان” قبل أن تسطو إسرائيل عليه.
حتى اللحظة لا احد لامن اللبنانيين، ولا من الإسرائيليين يشتغل على “الحرب” فالكل يدرك مخاطرها، والكل خاسر فيها بتفاوت نسب الخسارة، اما الفارق، فقد يتمثل بأن “حزب الله” لابد ويشتغل على إعادة مبرراته وسلاحة إلى “الصراع”، فالصراع والحرب لابد وسيمنحانه من الشرعية مافقده، بعد كل الأصوات اللبنانية المعترضة على هذا السلاح، بمن فيهم حلفائه الذين يعترضون “نصف اعتراض” بمن فيهم حركة أمل والتيار الوطني الحر، دون نسيان حليفه وممولة “إيران” وهي التي لن تذهب إلى حرب مادامت بواابات التفاوض مع الامريكان مفتوحة، ومادامت البوابة الإسرائيلية قابلة للانفتاح أمام الإيرانيين الذي طالما اشتغلوا على المصالح ونحّوا العقائد، وكانت إسرائيل قد أعانتهم في حربهم على عراق صدام حسين، وإذا كانت مصالحهم تتقاطع مع رفع العلم الغسرائيلي على بازار طهران ، فلابد أن يغلّبوا المصالح على العقائد.
الفجوة الحقيقية بين إسرائيل ولبنان بالنسبة لموقع الحدود البحرية ضيقة جداً، وذلك عقب النشاط الأمريكي الذي أقنع الطرفين بتقديم تنازلات ذات مغزى. ظاهراً، من المجدي للبنان أيضاً أن يوافق على الخط المقترح الآن من الولايات المتحدة. فالأمر سيسمح له بأن يطور حقل الغاز الموجود في مياهه الاقتصادية، وأن يخفف من الوضع الاقتصادي الصعب في الدولة بشكل كبير.
اتفاق كهذا بين إسرائيل ولبنان قابل للتحقق، وهو قابل للتحقق إذا رفع حزب الله الفيتو عن اللبنانيين وتوقف عن تهديد كل لبناني مستعد لحل وسط، غير أن المسألة قد لاتأخذ هذا الممر، ولحزب الله سببان للفيتو إياه:
ثمة أهمية أن يكون للتنظيم توتر بين إسرائيل ولبنان، حتى يبقي على صورته الوطنية اللبنانية.
أما السبب الثاني، فسيشكل هذا -مع وجود اتفاق رسمي- نوعاً من الاعتراف بإسرائيل، قد يؤدي إلى مزيد من الاتفاقات، بما في ذلك إزاء الحدود البرية، وربما التعاون الاقتصادي. وعليه، فإن “حزب الله” يدعي بأن الطوافة التي وصلت لتوها إلى كاريش تؤدي إلى السطو على مقدرات لبنانية، ولهذا لن يسمح لذلك بالحصول. من هنا يمكن أن نفهم لسبب إرسال المسيرات باتجاه الطوافة، وينبغي الافتراض بأنها لن تكون العملية الأخيرة في هذا الاتجاه.
لبنان بمواجهة احتمالين، نقمة أم نعمة، وإسرائيل كذلك، فإذا كانت الحرب ضاعت احتمالات النعمة، ولن يتبقى سوى النقمة.
ـ مرة ثانية مع فارق الخسارة والدمار.