fbpx
أخر الأخبار

لبنان.. الحياة، الدولة، الحكم، من باب المجاز

نبيل الملحم

حكاية العصفور وقد احتمى بـ “روث الثور”، ستبدو من القصص الخالدة، تخلّدها وقائع الحياة العربية في تحوّلاتها (حياة.. تحوّلات.. من باب المجاز)، أمّا عن الحكاية لمن لايعرفها، أو لمن لايختبر روث الثيران، فمفادها أن عصفورًا رفض الهجرة من الصقيع مع سربه، غير أن الصقيع لم يرحمه فجمّد جناحيه وقد حاول العصفور اللحاق بالسرب الذي سبق ورفض الطيران معه، وبالنتيجة وقع العصفور من شدّة البرد في زريبة للثيران، وفي الأثناء توقف ثور إلى جانبه وأفرغ ما في جوفه على الطائر الصغير، فكان لسخونة الروث أن أذابت الجليد عن جناحي العصفور وأعادت إليه أنفاسه، حتى بات يزقزق ممتلئًا بيقين الخلاص وهو في كومة الروث.. صوت الزقزقة هذا لفت انتباه قطة ضالة في الجوار فالتهمته.

العصفور اللبناني، وقد تشكلت وزراته، بقصيدة مطلعها دموع نجيب ميقاتي، مع صورة تذكارية لـ (24) وزيرًا من بينهم محبوب الجمهور جورج قرداحي، لابد وتحكي قصته، فالصقيع اللبناني حمل مئات الآلف اللبنانيين إلى الهجرة:

ـ الهجرة عن ملوك الطوائف.

ـ الهجرة إلى الساحات برايات محترقة.

ـ الهجرة عن الأمل بطبقة سياسية يمكن اختزالها بـ فاسدة، مرتهنة، أعناقها بقبضة الخارج، وقبضاتها على اعناق الداخل.

والهجرة بمعناها الجسدي، فالسفارات ممتلئة بطلبات (الفيز) بدءًا من السفارة الكندية وصولاً إلى  السفارة الصومالية.

أما الإعلان والإعلام والوعد فجاء تحت شعار :

ـ حكومة إنقاذ.

ومن أين سيأتي الإنقاذ؟

من:

حكومة شكّلها ثلاثي:

ـ نبيه بري الموصوف بطربوش الأرانب، فالرجل تدرب في السيرك السياسي وصولاً إلى إخراج الأرنب من طاقية (المواطن)، دون ضرورة للأرنب ولا للطاقية.

ـ ميشال عون، الرجل الذي يحاكي الجنرال ديغول ولا تتجاوز قامته ياسين بقوش (نعني ياسين بقوش الممثل وحصرًا في صح النوم).

ـ نجيب ميقاتي، رجل المال الذي لم يجرؤ أحد أن يسأله من أين لك مالك، وقد التصق بشخصه ما يحصى من تهم الإثراء الحلال، دون التدقيق بالحلال.

ومن خلف الثلاثة خلطة من توافقات ايرانية، سورية، أمريكية، فرنسية، دون نسيان حزب الله وهو “أم الوليد” في حكومة ميقاتي، ولم يكن يومًا “أم الصبي” اللبناني.

حذاء أبو القاسم الطنبوري يعود إلى رأس اللبنانيين، فكلما رموه عاد إلى رؤوسهم، كما لو أن مافيا النهب والاستئثار بالمال العام، وتفريغ لبنان من ناسها ليس على صلة بـ “المنقذين” إياهم، وللغرابة، بل للمفارقة أن اللبنانيين فرحون بأنهم فازوا بوزارة بعد أن عاث الفراغ الوزاري بالبلد، ما يعني أن الصيدلية اللبنانية تبحث عن الكَحل كبديل عن العماء، فروث الثيران أرحم من لعنة الصقيع، وليس بالنسبة للبنانيين اليوم أي حضور لسؤال ظهور القط، والقط هنا لابد ويبدأ بـ :

ـ تغييب حكاية انفجار الميناء حتى تموت بالتقادم، فاليأس، أب النسيان.

ـ تغييب حكاية أموال المودعين، فالمصارف قادرة على تحويل مدخرات الناس إلى ابرة في كوم قش.

ـ تغييب كل الجرائم السابقة لاستحضار جريمة كبرى سيكون عنوانها: “الخلاص عبر صندوق الدولي” وهو ذاك الثور الذي تدفأ العصفور على روثه.

ـ صندوق النقد الدولي، ولابد أن تتحول قروضه إلى سكك حديد  تنقل البضائع والمواشي والفحم الحجري ؟!

هو الصندوق الذي يعني فتح نافذة جديدة للصوص، وللقتلة الاقتصاديين، ومن ثم بيع ما تبقى من البلد، وإحالة من بقي من شغليته إلى البطالة، وفرض كل الشروط التي تعني أن هذا المكان، الكيان، الدولة (سمّه ماشئت) قد تحوّل إلى “أوتيل”، مستثمره لورد من خارج الحدود، وزبونه سينيور من خارج الحدود، وطبّاخه شيف من خارج الحدود، والمتبقي على بوابته، نادلاً يقود السياح ملتقطًا صور تذكارية وهم على ظهور الحمير، وكان قد شهد على هذا الكلام، استقالة نائبة رئيس هذا الصندوق العجيب  كوجيانو بيني جولدبيرج، بعد أن كشفت الكثير عن هذه المؤسسة الفاسدة، التي تصرف قروضها على البلدان الأكثر احتياجًا وعجزًا، لتزيد هذه البلدان احتياجًا وعجزًا، وصولاً إلى أن يصرخ ناسها:

ـ لاحاجة لأن نحتاج فالموتى لايحتاجون.

سيحدث ذلك، فيد اللصوص طويلة، خصوصًا في النموذج اللبناني الذي لايساويه في اللصوصية سوى شقيقه السوري، لتتجدد السرقة وتنساب الأموال بنعومة وهدوء إلى الملاذات الضريبية الآمنة، وتتزامن مع زيادات حادة في الودائع المصرفية التي تتدفق على المراكز المالية الخارجية المشهورة بالسرية المصرفية وإدارة الثروات الخاصة، فيزداد اللصوص تخمة، فيما سينسى اللبناني حكاياته مع أرباب الموضة، باحثُا عن الأسمال، بعد أن لايتبقى له سوى حفلة زجل، قد يكون مسرحها البرلمان، تترافق مع لطميات للشارع الشيعي، وكأس عرق فارغ للماروني، وبعض من العرق سوس للسني، فيما سيبقى الدرزي بانتظار الحاكم بأمر الله ليخرج من السرداب.

ليس هذا حال  لبنان وحده وقد ارتسمت عليه حكاية العصفور، فـ “العرب” كل العرب، لم يرم أحد منهم حذاء أبو القاسم الطنبوري إلاً وعاد الحذاء إلى رأسه، فإعادة تدوير النفايات مهنة موروثة سواء في منظومات القيم، الأنظمة، الأفكار، أو في إعادة إنتاج الحكام.. الأمر الوحيد غير القابل للتدويل هو النفايات العضوية وقد باتت تلالاً في الأزقة اللبنانية وسواها من من أزقة العرب، وهكذا كان للبنان حكومته، وقد استخرجت من نفايات الأمس وأعيد تدويرها وراء الأسوار.

ـ حكومة نجيب ميقاتي وقد حمل على ظهره فؤاد السنيورة، وأرخى كتفيه لبيت الوسط بعد أن  تحوّل بيت رفيق الحريري  إلى بيت من زجاج؟

ـ حكومة حزب الله، المسرح المتحرك لحضرة ولاية الفقيه؟

ـ حكومة تعبث بها الأمم، سائر الأمم، سعودي ـ إيراني، فرنسي ـ تركي، إسرائيلي ـ امريكاني، ولا غرابة إن عاد رستم غزالة من رحلة الموت، للعبث بالرؤوس اللبنانية والرؤساء؟

مجمل لحكاية:

ـ صقيع.. طائر يعجز عن الطيران.. ومن ثم ستكون الثيران جاهزة للإنقاذ، ومن بعده سيأتي القط ويلتهم العصفور.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى