لبنان ـ سوريا: الجنرال جغرافيا

جزء من اللبنانيين يتخوّفون من عودة الـ “سين سين” إلى بلدهم، وبطبيعة الحال فالمخاوف هذه تطال القوات والكتائب ووليد جنبلاط والتغييريين، وقد تطال نبيه برّي بعلاقته المضطربة بالنظام السوري، وهو الاضطراب الناتج عن الكيمياء المفقودة ما بينه وبين بشار الأسد.

الجزء الثاني والمتمثل بحزب الله، لن يرحّب ولن يعارض إذا ما مشت الأمور نحو استعادة الدور السوري في لبنان على حساب الدور السعودي ولو جزئياً.

لا لمخاوف المتخوفين أسباباً موضوعية لهذه المخاوف، ولا للمرحبين أسباب للترحيب، فسوريا في وضعها الحالي، أمام مجموعة معضلات، أوّلها أن قبضة النظام مازالت رخوة في إمساكه بالبلد، وثانيها أن الإدارة الأمريكية والتي لها حصة في لبنان وفي المملكة، لن تتقبل أيّ عودة جدية للنظام السوري الى لبنان، وهاهي (ونعني الإدارة الأمريكية) تنتقل في عقوباتها على النظام من “قانون قيصر” إلى قانون “حفار القبور”، والمملكة لن تكون خارج الإرادة الامريكية وهي الحليف التاريخي للولايات المتحدة، أقله وسط تخوّفاتها من الامتدادات الإيرانية التي لن تحول التفاهمات السعودية / الإيرانية دونها، فلا “اطمئنان” يمكن أن يمنحه الملالي لتفاهمات ربما ستحوّلها الأيام إلى حبر على ورق.

ولكن بالمقابل، لن تتخلى المملكة عن المشرق العربي، أقله لاستعادة وزنها مقابل الوزن المتعاظم لتركيا وإيران، وهذا سيحتّم عليها أن تأخذ “المسألة اللبنانية” على محمل الجد، فلبنان يعني شرق المتوسط وبامتداده على سوريا يعني المشرق العربي، والمملكة لابد وتشتغل على استعادة دورها في هذا المشرق، بعد أن تضاءل دورها في الخليج العربي عبر الصعود الإماراتي المدعوم أمريكياً، والصعود القطري المدعوم تركياً، وفي هذا المشرق اشتغلت المملكة على تضييق الفجوة مع النظام في سوريا، وثمة فارق ما بين تضييق الفجوة وفتح الأبواب، فالأبواب السعودية لن تفتح امام النظام في سوريا، غير أن الفجوة لابد وتضيق، أقلّه كي لاتواجه المملكة عقبات بوسع النظام في سوريا خلقها للسعودية وتحديداً في لبنان عبر “حزب الله”.

المسألة في هكذا حال، لابد وتكون “نصف الباب المفتوح” الذي يعني فيما يعنيه نصف الباب المغلق، وهذا ما اتضح من خلال الموقف السعودي من حكاية انتخاب الرئيس اللبناني المقبل، فهي “لم ترفض سليمان فرنجية”، و “لم تقبل سليمان فرنجية”، وهي “لم تقبل جوزيف عون”، و”لم ترفض جوزيف عون”، وهي “لم تناد بجهاد أزعور”، وهي “لم ترفض جهاد أزعور”، وما بين “لم ولم” تشتغل باللعب الهادئ الذي إن لم يضف لها أصدقاء في لبنان فلن يزيد من أعدائها.

وسيعود السؤال في هكذا حال:

ـ ما هي حقيقة عودة “السين سين” إلى لبنان؟

ومعه هل سيستعيد بشار الأسد ماكان لغازي كنعان ورستم غزالة وعنجر من لبنان؟

ليس ثمة ولا مايشير من بعيد او قريب لهذه العودة، ولكن العوالق كبيرة بين سوريا ولبنان، وهي عوالق أولها موضوع النازحين، دون نسيان أن سوريا بالنسبة للبنان هي “طريق القافلة”، إذا ماكان مغلقاً فهذا يعني:

ـ خنق لبنان.

هو الحال كذلك أي كان النظام في سوريا.

إنها الجغرافيا.. الجنرال الاكثر شدّة في فرض الأحكام.

Exit mobile version