“الصهر”، ونعني جبران باسيل، لوّح لنوّاب التيار بأن”لا أحد أكبر من المؤسسة، وعندما يخرج عن قراراتها ويعتقد أنه أكبر منها، تعيده إلى حجمه وتؤكد له أنها أكبر منه”. وبطبيعة الحال فالكلام موجّه لبعض من نواب تياره الذين ربما يمشون في خيارات حزب الله وحركة أمل بـ “التصويت لسليمان فرنجية”، أما “حزب الله” فقد اعاد تاكيده أن “البحر من ورائكم وسليمان فرنجية من أمامكم، ولن نتنازل عن ترشيحه” ليعيد بذلك حكايته مع ميشال عون، فيوصل للرئاسة ما اختاره قلب الأمين العام، حتى لو تعطّل موقع الرئاسة إلى “أجل غير مسمّى”، أما وليد جنبلاط فكفكف رحاله ومضى في إجازة طويلة إلى فرنسا، وهو الواقع ما بين موقعه في المعارضة وصداقته مع نبيه برّي فهرب من المواجهة متكئاً على خيار ما سيختار نجله تيمور، وحين يأتي الكلام على ذكر “نبيه بري” فكل ما تبقّى لديه لعبة الأرنب والطربوش، وستكون اللعبة بمواجهة قوات سمير جعجع وكتائب سامي الجميل، وهاهو باسيل ينضم إليهما في اختيار جهاد أزعور ليكون رئيساً للبنان، الذي لم يشهد في تاريخه رئيساً بحجم الكرسي باستثناءات قليلة قد لايكون على رأسها سوى فؤاد شهاب.
المعارضة وقوى 14 آذار (السابقة) توافقت على جهاد أزعور، وحزب الله ومحازبيه اعتبر هذا الاسم مرشح تحد، أما (الخارج)، وهو هنا المملكة العربية السعودية وفرنسا والولايات المتحدة، فحتى اللحظة لم يحسم أيّ منهم موقفه لـ “يخبط على الطاولة” ويقول :هذا لي.
المملكة ومنذ أن اندلعت “أزمة الرئيس”، كان خطابها واضح “اختاروا من تختارون”، دون ادنى موقف يلزم أيّ من حلفائها في لبنان، وفرنسا ناصرت سليمان فرنجية “نصف مناصرة”، فيما لبنان لم يعد اولوية بالنسبة للإدارة الأمريكية، فيما الاولوية لدى الإدارة هي “كفّ يد حزب الله عن لبنان”.
كل ذلك والمقعد الرئاسي شاغر، والبلد من ازمة إلى مأزق، حتى وصل الشقاق فيه إلى شقاق حول حول ملابس البحر النسائية الشرعية فاحتارت السابحات ما بين “البوركيني” و “البكيني”، وقد تخطّت المآزق مقعد الرئاسة لتصل إلى “قيادة الجيش”، وتركيبة “الامن العام”، وكلّه يهون يوم تقع الواقعة ويأتي لبنان على فراغ في المصرف المركزي، حيث سيحلّق الدولار بأجنحة تتجاوز أجنحة الامس.
المعلومات الواردة من لبنان تقول بأن بري وحزب الله وآخرين باتوا ينظرون إلى أزعور على أنه مرشح مواجهة وتحدّ، وأن هدف داعميه ينحصر بإطاحة فرنجية. لتؤكد مصادر هذا الفريق أن “المعارضة مخطئة في حساباتها، فلا تراجع عن فرنجية بأي شكل من الأشكال” وستضيف مصادر لبنانية بأن”سيناريو معوض في مجلس النواب سيتكرر، وحتى إن عُقِدت الجلسة لن يكون هناك نصاب، مرة واثنتين وثلاثاً، وستعود الأمور إلى الستاتيكو السلبي” أما باسيل وقد كان حليف الأمس فبالنسبة للحزب بات في المقلب الآخر، و”كل محاولاته للّعب على الألفاظ لم تعد تجدي نفعاً، فليفعل ما يريد أما نحن فلن نتراجع” وهذا كلام حزب الله.
صخرة سيزيف، هوذا لبنان، كلما رفعها تدحرجت ثانية، ولم يتبق للبلد سوى أن يقول :
ـ خذوا كل مرشحيكم واخرجوا من البلد.. الفلتان أرحم من سياسييكم.