كل الفساد وصفقات الفاسدين وأموال الفاسدين ومشاريع الفاسدين ومصالح الفاسدين وتقاسم الفاسدين الفساد في لبنان “تحت الطاولة”، أما مصالح لبنان وثروات لبنان والاعتداء على لبنان فهو “فوق الطاولة”، والدائرة تدور، والكل مشتبك مع الكل على ثروة لم تتأكد بعد، وإذا ما تأكدت فلابد من اقتسامها مع الاسرائيليين، أقله لأن النفظ في البحر كما الغاز، حقول متصلة، ليس بالوسع فصلها بجدار، ومن يستخرج هناك يأخذ من حصة من لايستخرج هنا، وهي كما البالون، إن نفخته في جهة انتفخ من الجهة الأخرى.
يتقاتلون، والمبعوث الأمريكاني يصغي ويبتسم، ويطالب برسالة لبنانية واضحة، يتفق بموجبها اللبنانيون، لينقلها بدوره إلى الإسرائيليين.
جماعة “قوى التغيير” يريدونها حتى الحقل “29” والرئاسات الثلاث تكتفي بـ “23” وحزب الله يتوعد إسرائيل بالقصف المزلزل لشركات التنقيب براجمات الصواريخ، وتضيع الطاسة في لبنان، مابين ملحم خلف الذي سيستعيد الحقوق عبر “نقابة المحامين”، وحسن نصر الذي يريدها بـ “النصر الإلهي”، أما عن النقابة فلم تكن سوى علم يرفرف في مرتفع من قانا، فيما سلاح حزب الله لابد ويكون “خردة” في وقائع وتطورات السلاح الإسرائيلي، فإذا ماكانت الحرب، لن تكون لبنان، وتجربة حرب تموز لن تتكرر ثانية، ففيها كان خراب الضاحية، أما إذا ماوقعت حرب لتموز جديد، فستكون خراب لبنان كل لبنان، وما من لبناني يستقبل فيها مهجر من الجنوب، أو يشتغل على إعادة إعمار ما تهدم منه.
بالنسبة لحسن نصر الله لن يكون شاغله من لبنان سوى مايرتأيه الإمام في طهران، وبالنسبة لملحم خلف، فهو بنصف لسان، وكليهما لن ينقذ لا نفط لبنان ولا غاز لبنان، فالحروب خاسرة، ومنطق جئناكم “بالقانون” لن يحل مشكلة مع منطق القوة لإسرائيل، وليس ثمة من حل سوى الحل الأشمل والأبعد والكلي والجذري، فلا نفط للبنان بلا تسوية مع إسرائيل، ولا تسوية دون “سلام” كامل وشامل، في صيغة عربية ذهبت بكليتها إلى السلام، أقله بعد استنفاذ لغة الحرب والاستثمار في الحرب وعوائد الحروب والهزائم ما بين كل معركة ومعركة وحرب وحرب.
هي فرصة لبنان ليكون “دولة” تستعيد بعض من خبزها واستقرارها، وتطمئن الناس فيها انها ليست بلد ذاهب إلى الخراب، وهي فرصة لإسرائيل لتخرج ولو جزئيًا من “دولة الثكنة” وتفرغ نفسها وناسها للتعاون مع جاراتها للتنمية والسلام والكف عن بناء الملاجئ وإطلاق صفارت الإنذار.
اللبنانيون وبمعظم قواهم وأحزابهم وطوائفهم ومذاهبهم ودياناتهم، المقيم منهم والمهاجر، يبحثون عن وقف هذا الصراع، وحزب الله مازال يتحكم برقاب اللبنانيين، كما لو قوة احتلال تتقاسم الاحتلالات مع الإسرائيليين.
اللبنانيون باتوا اليوم أمام ثلاث قوى احتلال:
ـ احتلال المصارف والفاسدين.
ـ احتلال حزب الله، دون نسيان حصته من الفساد.
والاحتلال الإسرائيلي.
دفعة واحدة تنتهي الاحتلالات باتسعاد الدولة، والدولة لن تعود وسلاح حزب الله على رقاب السكان والجيش والسرايا الحكومي والبرلمان.
للبنان واحد من خيارين:
ـ سلام يعد باستعادة المفقود.
وحرب على يقين بأنها لن تدع حجرًا على حجر من الموجود.