fbpx
أخر الأخبار

لبنان .. من راجح فيروز إلى السيد أبو الزلف

ابتدأت الحرب الأهلية اللبنانية (1975) ببوسطة من الفلسطينيين قتل كل ركابها في عين الرمانة، وفي حقيقة الأمر لم تكن بوسطة عين الرمانة بقدر ماكانت “القلوب المليانة”، واليوم، لا حزب الله وحركة امل معنيين بمقتل سبعة متظاهرين، ولا القوات اللبنانية وسمير جعجع، ينتصر إذا ما نشر قناصة على السطوح، فالصيغة اللبنانية محكومة بالخراب يتلوه إعادة إعمار، ليعود الخراب يتلوه إعادة إعمار، ليبقى البلد على المنفسة، لا هو حي ليأخذ طريقه بين الدول من الأحياء ولا هو ميت ليدفن، وكل مافيه مركّب على الثنائيات القاتلة التي لايلتقي أحد طرفيها (إلاّ بإرادة الله) والواضح من الغامض أن هذه الإرادة لم تحن بعد، وقد لاتحين.

واليوم، تتصاعد لغة السلاح بعد أن تصاعدت لغة التهديد والوعيد، والحروب في صيغة من مثل الصيغة اللبنانية تبتدئ بالكلام، فيتحول الكلام الى متفجرات، وعلى الطريق يكون الحوار المتلفز حول نوع الملائكة، ومن زرع المتفجرات، ومن سبق من إلى زرعها، وما من جريمة في لبنان انكشف عنها ستار بما فيها الجرائم التي وقعت في وضح النهار وتحت أعين القاتل والشاهد والقتيل.

خطاب حسن نصر الله بالأمس يحمل كل الوعيد والتهديد، والرجل الموصف بسبابته حرك سبابته بالامس كما لم يسبق لها أن تحركت وكان قد أعلن عن مئة الف مقاتل عداك عن الاحتياط، فيما سمير جعجع يثابر على رفع الصوت مدعومًا بالست ريدا، ليستدرج كل فتائل الاحتراق، فيما بقية القوى والأحزاب إما مرغمة على الصمت وإما عاجزة عن النطق، والكل ملحق بواحد من الطرفين، دون الاستغناء عن الالتحاق بسفارة وهنا وقنصلية هناك، فيما الشارع الجائع يلتهم ماتبقى من لحمه، ولابد أن الضحايا سيتحولون في الغد القريب الى شركاء للقاتلين، فالصيغة هي الصيغة، وفي لبنان :

ـ من لم يمت بالسيف مات بغيره.

وغيره كثير وكثير وكثير، فزعماء الطوائف يشتقون من الحياة كل أسباب الموت، وهي لعنة أصّلتها الصيغة، صيغة زنت وحبلت وأنجبت وأرضعت ما يسمى بـ “التوافق” الطائفي، ولنتصور أوطانًا تقوم على توافق زعماء الطوائف لا على مواطنية المواطن، وسط مجموعة من الاستحالات أو ما يبدو استحالات، فالدولة المركزية القابضة المحكومة الى السيد الدكتاتور مستحيلة، والدولة المدنية الديمقراطية، باتت أشد استحالة في تجمع الطوائف التي لايجمعها سوى الاحتراب، والتقسيم مستحيل فالبلد أصغر من أن يقسم، والتعايش مستحيلاً  تحت ظلال العقائد المتصارعة والجغرافية المرسومة بالقلم والممحاة لا بقوة النهر أو بإارادة الجبال، والنتائج لابد وستكون واحدة من نتائج الأمس، بفارق أن جامعة الدول العربية لاتجمع لترسل قوات ردع تفوض من بعدها حافظ الأسد ليشكل قوة احتلال، يورثها لولده وقد بدد ملكية الوالد بحماقة ولد لايعرف لبنان، ما يعني استدراج قوات دولية بديلاً عن قوات عربية، الحصة الأكبر فيها لاسرائيل أو بالحد الأدنى بإدارة إسرائيل، وما بين طلقة الرصاص الأولى، ونزول أول حاملة طائرات على شواطئ لبنان، يكون قد مات من مات، وتركت البلد للجحيم، وكان ميشال عون قد وعد اللبنانيين بالكثير من الوعود وآخرها الوعد بالجحيم وهو الوعد الوحيد الذي حققه الجنرال.

مسكين هذا اللبنان من “راجح” فيروز، إلى أبو الزلف المنتشر في كل مكان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى