زاوية مينا
حرب تحت عنوان “إسناد غزة” وقد تحوّلت إلى تدمير قرى الجنوب اللبناني زائد ضاحية بيروت الجنوبية، مضافاً إلى تهجير مليون ونصف قابلين للزيادة وغير قابلين للتوزيع، ومن قبلها لعنة المصارف والسطو على أتعاب الناس، ومن بعدها تفجير المرفأ، مع تجهيل الفاعل في كليهما الإفلاس والتهجير، ومع كل مرحلة من المراحل إصبع مرفوعة من حسن نصر الله وتلويحات بنهاية العالم من علي خامنئي، وكل ما تبقّى للبلد المتوسطي رائد الشعر والمائدة والمعزوفة، مهاجر يمدّ من تبقّى من أهله في الجرود والجبال بالضروري الذي يبقيهم على قيد الحياة، وهاهو البلد يواجه اليوم ما لا يبقي من تبقّى والعنوان:
ـ وضع البلد على اللائحة الرمادية.
وهكذا يتداول الإعلام احتمال دفع المراجع المالية الدولية لبنان نحو تلك اللائحة، ما يعني وضع لبنان على هذه القائمة أنه غير ملتزم بمكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال.
في الأصل والتداعيات كان قد سبق أن وُضع لبنان على هذا التصنيف عام 2000، لكنه تمكن من الخروج منه عام 2001.
يوم نجح في الخروج من القائمة بعد إنشاء وحدة امتثال في هيئة التحقيق الخاصة لمصرف لبنان، حيث بدأت بتبادل المعلومات مع الجهات المعنية.
أُنشئت أقسام الامتثال في كل مصرف، وبدأت العمليات المصرفية تخضع لمراجعة هذه الأقسام قبل إتمامها.
طُلب من العملاء تعبئة نماذج “اعرف عميلك” لتوفير معلومات أكثر وضوحًا عن هوياتهم.
لا تهتم مجموعة العمل المالي اليوم فقط بسن القوانين، بل أيضًا بتطبيقها ويسود شعور بأن هذه القوانين لا تُطبق بشكل فعال لثلاثة أسباب:
أولًا: عدم تعاون القضاء اللبناني في قضايا مرتبطة بملفات رياض سلامة وتجميد الأموال.
ثانيًا: التهرب الضريبي والجمركي المستشري، خاصة في المرفأ حيث تمر البضائع دون دفع الرسوم الجمركية. تُفرض ضرائب ورسوم مرتفعة على الشركات الملتزمة، مما يدفعها للتهرب الضريبي.
والثالث كان انتشار الاقتصاد النقدي قد سهل عمليات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب لصعوبة تتبع المعاملات النقدية.
تزيد هذه العوامل من احتمال وضع لبنان على القائمة الرمادية، رغم التطمينات بأن المصارف الخارجية ستستمر في التعاون مع لبنان حتى لو وُضع على اللائحة الرمادية، إلا أن هذا الوضع سيشكل أزمة كبيرة.
يختلف الوضع الاقتصادي للبنان اليوم عما كان عليه عام 2000، حيث كان الاقتصاد في حالة جيدة آنذاك، أما اليوم، فإن وضع لبنان على القائمة الرمادية سيزيد من تصنيفه ضمن الدول المارقة والخارجة عن القانون الدولي.
في لبنان كان المثل على الدوام، وهو مثل فلاّحي يعرفه أصحابه “كمل النقل بالزعرور”، واليوم صار المطلوب ترجمة مفردة “النقل” كما ترجمة مفردة “الزعرور” ونترك الترجمة لصنّاع المثل.