
مرصد مينا
أقرّت الحكومة اللبنانية، مساء الخميس، جزءاً من ورقة الموفد الأميركي توماس براك، ووافقت على إنهاء الوجود المسلّح على كامل الأراضي اللبنانية، بما في ذلك سلاح “حزب الله”، مع نشر الجيش اللبناني في المناطق الحدودية.
وجاء القرار رغم انسحاب الوزراء الشيعة من الجلسة، اعتراضاً على مناقشة الورقة قبل تثبيت وقف إطلاق النار.
وترأس الجلسة رئيس الجمهورية جوزيف عون، بحضور رئيس الحكومة نواف سلام، في القصر الجمهوري، وسط انقسام واضح في الموقف الحكومي.
وانسحب أربعة من الوزراء الشيعة المشاركين في الجلسة، بينما تغيب وزير المال ياسين جابر بداعي السفر.
وخلال تلاوته لمقررات مجلس الوزراء، أعلن وزير الإعلام بول مرقص أن المجلس وافق على “إنهاء الوجود المسلح على كامل الأراضي اللبنانية بما فيه (حزب الله)، ونشر الجيش اللبناني في المناطق الحدودية”.
كما كشف الرئيس عون عن اتصالات دولية وعربية جارية لإطلاق مبادرات إنقاذ اقتصادي للبنان، مشيراً إلى أن المجلس وافق على الأهداف العامة للورقة الأميركية بعد إدخال تعديلات لبنانية عليها.
وأكد مرقص أن الحكومة ستتخذ قرارات إضافية بعد استلام الجيش خطته التنفيذية المقررة في نهاية أغسطس، مشيراً إلى أن مفاوضات غير مباشرة ستُجرى مع كل من إسرائيل وسوريا لترسيم الحدود.
وأوضح أن محاولات عديدة جرت لثني الوزراء الشيعة عن الانسحاب، لكنهم اختاروا المغادرة “حتى لا يُتخذ القرار بحضورهم”، بحسب تعبيره.
تفاصيل الورقة الأميركية
تتضمن الورقة الأميركية بنوداً حساسة، من أبرزها: حصرية السلاح بيد الدولة، بسط السيادة على كامل الأراضي اللبنانية، ضمان استدامة وقف الأعمال العدائية، إنهاء وجود جميع الجهات المسلحة غير الحكومية بما فيها “حزب الله”.
كما تتضمن انسحاب إسرائيل من النقاط الخمس الحدودية، تسوية ملف الأسرى بطرق دبلوماسية، عودة المدنيين إلى قراهم، وعقد مؤتمر اقتصادي لدعم الاقتصاد وإعادة الإعمار.
الوزراء الشيعة ينسحبون
شارك في الجلسة أربعة وزراء شيعة، هم: راكان ناصر الدين (الصحة)، محمد حيدر (العمل)، تمارا الزين (التنمية الإدارية)، وفادي مكي (مستقل).
وقد انسحبوا تباعاً بعد رفض الحكومة تأجيل مناقشة الورقة الأميركية. وقال الوزير مكي إن القرار “لم يكن سهلاً” لكنه رفض تحمّل مسؤولية اتخاذ قرار بهذا الحجم بغياب مكون أساسي عن النقاش.
أما الوزير حيدر، فصرّح بأنهم طالبوا بتأجيل المناقشة حتى يقدم الجيش خطته في 31 أغسطس، لكن الحكومة أصرت على المتابعة.
بينما أشارت الوزيرة الزين إلى أن “الانسحاب كان موقفاً أقوى من مجرد الاعتراض”، مؤكدة أن قرارات بهذا الحجم تحتاج إلى توافق وطني.
بري: الورقة تتضمن بنوداً تمس مصلحة لبنان
من جهته، عبّر رئيس مجلس النواب ورئيس حركة أمل المقربة من حزب الله، نبيه بري عن تحفظه على الورقة الأميركية، مؤكداً عبر مصادره أنها “تتضمن أموراً ضد مصلحة لبنان وحدوده واقتصاده”.
واعتبر أن التعديلات التي طرأت على النسخ المتتالية من الورقة تحمل تغييرات جوهرية.
ونُقل عنه قوله إن “المشكلة تكمن في الفارق بين النسخة الثانية والثالثة التي تغيّرت من يد إلى يد”، مشدداً على دقة المرحلة.
حزب الله: الحكومة “انقلبت” على تعهداتها
وفي أول رد فعل سياسي، شنّ “حزب الله” هجوماً عنيفاً على رئيس الحكومة نواف سلام، عبر بيان لكتلته البرلمانية “الوفاء للمقاومة”، متهماً الحكومة بـ”الانصياع للإملاءات الأميركية”.
واعتبرت الكتلة أن تبني الحكومة للورقة الأميركية يمثل “انقلاباً على البيان الوزاري وعلى خطاب القسم”، وتجاوزاً للميثاقية، كما “يضرب أسس اتفاق الطائف”، وفقاً لتعبير الكتلة.
ورأت الكتلة أن محاولة الحكومة المساس بسلاح “المقاومة” تمثل “خدمة مجانية للعدو الإسرائيلي”، وتجرّد لبنان من عناصر قوته في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.
وطالبت بتصحيح المسار، مشددة على ضرورة “وضع استراتيجية أمن وطني تضمن حماية لبنان وسيادته واستقلاله”.