مرصد مينا – هيئة التحرير
“لستم بأبناء نعمة”، خلاصة تقود للبحث في تاريخ “آل مخلوف” في سوريا خلال السنوات الخمسين الماضية، للرد على بيان رجل الأعمال السوري، “رامي مخلوف”، الذي نفى خلاله أن يكون والده “محمد مخلوف” قد جنى ثروته مستفيداً من زوج شقيقته “حافظ الأسد”، وعمليات الفساد التي كان يديرها.
وكان “مخلوف” قد نشر بياناً على صفحته في موقع فيسبوك، رداً على تهم الفساد والسرقة والتكسب من النظام السوري، التي طالت والده، “محمد”، شقيق زوجة رئيس النظام السابق، “حافظ الأسد”، الذي توفي مؤخراً بوباء كورونا، ذاكراً فيه أن ثروة عائلته تعود إلى مئات السنين خلال فترة التواجد العثماني، وانهم أبنا نعمة أباً عن جد.
بحسب البيانات المتوفرة والمؤرشفة عن “تاريخ آل مخلوف”، أن بداية ثروة “محمد مخلوف” كانت مع توليه منصبي مدير مؤسسة التبغ في سوريا وبعدها مدير المصرف العقاري، مشيرةً إلى أن اسم “محمد مخلوف” ارتبط بالعديد من العقوبات التي طالت نظام “الأسد” بعد ثورة 2011 في البلاد، بالإضافة إلى ارتباط اسمه بالعديد من الصفقات المشبوهة خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، قبل أن يرث ابنه “رامي” إدارة الملف الاقتصادي للنظام في العام 2000، من خلال شركات الاتصالات الخاصة به.
تاريخ لا يمحى
في السياق ذاته، يكشف ناشطون من الساحل السوري، رفضوا الكشف عن هويتهم، لمرصد مينا، إلى أن عائلة “مخلوف” كانت بحالة مادية أفضل نسبياً من عائلة “الأسد”، التي كانت تعيش في فقر مدقع جداً في ريف مدينة القرداحة، إلا أنها لم تكن تمتلك الثروات، التي يتحدث عنها “رامي” في بيانه، مضيفين: “لا لم يكونوا أبناء نعمة وإنما هم محدثوها”.
يذكر أن رجل الاعمال السوري ونجل وزير الدفاع السابق، “فراس طلاس”، الذي كان مقرباً من عائلة “الأسد” قبل اندلاع الثورة، أكد في تصريحات صحافية سابقة، إلى أن عمليات الفساد في سوريا بدأت مع ثمانينيات القرن الماضي، بدفع من شقيق رأس النظام السابق، “رفعت الأسد”، لافتاً إلى أنه بعد طرد “رفعت” من سوريا، تولى “محمد مخلوف” منصب خازن العائلة وذراعها الاقتصادية، كونه كان شقيق “أنيسة” زوجة “حافظ الأسد”.
إلى جانب ذلك، يشير مجموعة من الناشطين السوريين إلى أن “رامي مخلوف” بحد ذاته كان معروفاً بالتسلط على الاستثمارات الأجنبية والمحلية، من بينها فندق فور سيزون وأبراج سوريا التي كان من المقرر إنشاءها في منطقة البرامكة في دمشق كما سيطر على أراضي واسعة في منطقة شرقي مقام السيدة زينب وهدم سوقها الشعبي لإنشاء مشريع اقتصادية هناك، إلى جانب سيطرته على قطاع الاتصالات الخلوية.
نهضة مشبوهة..
تعليقاً على دور “آل مخلوف” في سوريا، يقول المحلل الاقتصادي، “محمد زين الدين” لمرصد مينا: “محمد ورامي ساروا على ذات النهج في السيطرة على الاقتصاد السوري وتجييره لبناء ثروتهم، لكن الفرق كان في المساحة المفتوحة أمامها، ففي زمن حافظ الأسد كانت الخيارات محدودة بتجارة التبغ والفساد التقليدي والاختلاسات، أما في زمن بشار الأسد فالأمور كانت أكثر اتساعاً من خلال مشاريع التطوير العقاري ودخول سوريا سوق التكنولوجيا من خلال إدخال الحواسيب والاتصالات الخليوية والمشاريع الاستثمارية”.
كما يشير “زين الدين” إلى أن النهضة الملموسة في سوريا بعد العام 2000 لم تكن لتطوير البلاد وإجراء إصلاحات بقدر ما كانت أداة لتوسيع خيارات العائلتين “الأسد ومخلوف” الاقتصادية وفتح أبواب جديدة لزيادة الثروة، بدليل دخول “رامي مخلوف” في كافة تلك المشاريع ونيله الحصة الأكبر منها، سواء بالتدخل المباشر بإسمه أو عبر وكلاء.
إلى جانب ذلك، يذكر الباحث في الشؤون السورية، “عمر عبد الرحمن” لمرصد مينا، أن ثنائي “رامي مخلوف” و”بشار الأسد” كان حتى العام 2015، أكثر انسجاماً من ثنائي “محمد مخلوف” و”حافظ الأسد”، على اعتبار أن الأخير كان أكثر تشدداً من وريثه “بشار” في السماح ببروز أي أسم في سوريا غير اسمه، ما أثر على نشاط “محمد مخلوف” وساهم في عدم ارتباط اسمه بملفات فساد كما هو حال ابنه “رامي”.
في السياق ذاته، يؤكد “عبد الرحمن” أن فساد “مخلوف الأب” كان محصوراً ضمن مؤسسات الدولة وأموال الدولة، وحتى أنشطته في القطاع الخاص كانت محصورة وخاضعة بشكل مباشر لمراقبة من “حافظ الأسد”، في حين أن “رامي مخلوف” تمتع بصلاحيات اقتصادية واسعة داخل وخارج القطاع العام، ما ساهم في كشف عمليات فساده أكثر من والده.
تقاسم الكعكة..
في الحديث عن الثروة والفساد في سوريا، يطرح الباحث “عبد الرحمن”، مسألة دور أشقاء “حافظ الأسد” في الفساد وحصتهم من الاقتصاد السوري، مشيراً إلى أن عائلة “الأسد” كانت تختص بما أسماه التجارة السوداء، كالتهريب وتجارة المخدرات والسلاح، في حين “آل مخلوف” تولوا ما يمكن تسميته اصطلاحاً بـ “التجارة النظيفة” كالاستثمارات والمشاريع وصفقات الاستيراد والتصدير، على حد قوله.
وسبق لابن عم رأس النظام السوري، “دريد الأسد” أن كشف قبل أشهر عن إدارة العائلة لتجارة المخدرات في سوريا، اذ أشار في منشور له على مواقع التواصل الاجتماعي، أن من يقف وراء شحنة المخدرات التي ضبطتها الشرطة الإيطالية القادمة من سوريا، هم أفراد من عائلته.