لعنة الجنرال

خرج ميشال عون من القصر الرئاسي وسط زغاريد اتباعه الذين يحلو لهم الإغداق عليه والإكثار من لقب “جنرال”.

 في القصر الرئاسي، لم يكن رئيسًا وفي عودته إلى بيت العائلة ليس متاحًا له أن يكون “جنرالًا” .. في القصر الرئاسي كان “بيي الصهر”، وفي بيت العائلة، سيكون “بيًّا لصهر لابد ويدير ظهره لبيّه”.

اما في حفل وداعه فقد ودّع لبنان على التعطيل، تعطيل الرئاسة وتعطيل الوزارة، وشتم الجميع كل الجميع باستثناء مرضعته “حزب الله” وكل جردة حساباته كانت تعتيم لبنان، وانتهاك قضائه، وتجويع ناسه، ورهن البلد لسلاح الحزب إياه، فكانت ست سنوات عجاف شهدها البلد، ولو كان الامر بيد لجعلها سبع عجاف.

لم يسبق لرئيس أن أفرح شعبه كما ميشال عون، افرحهم برحيله بالقدر الذي اتعسهم بوجوده، غير أنه لم يغادر إلاّ وقد ترك كل أسباب التعاسة حاضرة، فبشّر أوّل مابشّر، وبفرحة من يتلمس التبول على ملابسه، أنه وقّع مرسوم استقالة الوزارة، ما يعني وقّع مرسوم ترك البلد بلا أية مرجعية حكومية، ليكون الفراغ الذي تعقبه احتمالات الفوضى، كما تاركًا وراءه حجمًا من العداوات وقد امتدت من مرجعيات مسيحية، إلى مرجعيات سنيّة، ولم يستثن نصف الشيعة من عداواته، ودون ان يرف له جفن او ينطق بكلمة اعتذار واحدة عن الآثار المدمّرة التي تركها عهده، والذي إن قال فيها التاريخ كلمته فلابد وان يقول:

ـ نرجسي مخصي، أخصى بلده ثم رحل.

واليوم ماحال اللبنانيين؟

لقد نجح ميشال عون في تركهم للمأزق  كل المازق، بداعمه “حزب الله” فلا البلد دولة كما تقتضي حال الدول، ولا هو ميليشيات كما تقتضي الفوضى التي لاترحم والتي دفع اللبنانيون أثمانها غاليًا في حرب اختبروها ولم يعودوا راغبين بتكرارها.

ـ إنها لعنة ميشال عون، العاجز سوى عن رسم النذالة بخط لايجاريه فيه أحد، ولا يتجاوزه فيه احد.

كل ذلك والصهر، مصدر كل الشرور يستثمر في جثة عمّه، فالجنرال جثة، وليس ارتداء الجثة لبدلة عسكرية يسمح لها بقيادة مركبة حربية، وعلى الصهر أن يطيل عمر الجثة مادامت الجثة في الخدمة، ولكن هل ستبقى هذه الجثّة في الخدمة؟

ضيّق على سعد الحريري وصولاً لترحيله من لبنان، وتعسّف على نجيب ميقاتي، وعمل على محاصرة سمير جعجع، ونال من نبيه بري، وكل من سبق ذكرهم ربما يشاركون الفساد ولا يزيدون عليه، ولكنهم، وعلى فسادهم لم يوصلوا البلد إلى الفراغ الذي هي فيه اليوم، ولا حالها كما حالها اليوم.. فاسدون أي نعم، غير أن فسادهم لم يوصل البلد إلى افتقاد الأمل أيّ امل، ولم يغلق النوافذ، كل النوافذ، ولم يترك للأحقاد والكراهية كل تلك المساحات التي تركها عون وصهره.

هو اليوم في الرابية، حزينة هي الرابية التي وصلت اليها اقدامه، حزين هو لبنان.

ـ أي لعنة حلّت به:

إنها لعنة “الجنرال الدمية”..

Exit mobile version