لماذا تحتفظ الاستخبارات السورية بعارضة الأزياء ألين سكاف؟

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي، كما الشارع السوري بحادث سير ارتكبته عارضة الأزياء وزوجة هانيبعل القذافي في حي المزة بدمشق.

دون شك كان السؤال الغائب، والذي كان يجب أن تكون الأولوية له:

ـ ما الذي يدعو الأجهزة الأمنية السورية للاحتفاظ بهذه المرأة، ومن قبلها بزوجها هانيبعل؟

مايتعلق بهانيبعل القذافي فقد أعطت الأجهزة الأمنية إجابتها بأن سلمته إلى حركة أمل اللبنانية، وهو الآن يقبع في سجونها طلبًا لمعرفة مصير الإمام موسى الصدر، قالمقايضة تمّت وانتهى أمرها، وبقي السؤال:

ـ لماذا لين سكاف الزوجة مازالت في دمشق؟

للإجابة عن السؤال الواضح، ستكون الإجابة غامضة، غير أن تفكيكها ربما يغدو ممكنًا إذا ماعلمنا حقيقة المقايضات التي اعتاد النظام السوري عليها عبر بيع اللاجئين اليه من شخصيات سياسية مطلوبة في بلدانها أو على المستوى الدولي.

قد تصلح البداية من (كارلوس) الموصوف بالمناضل الأممي، واسمه الأصلي  إيليتش راميريز سانشيز، ولقبته أجهزة المخابرات العالمية بكارلوس الثعلب.

من سيرة كارلوس أنه ولد في العاصمة الفنزويلية كاراكاس، في تشرين أول من عام 1949، لعائلة ثرية. والده كان محامياً اعتنق الفكر الماركسي، أما والدته فقد كانت كاثوليكية متدينة.

كانت أجرأ عملياته العسكرية على الإطلاق، اختطافه لوزراء منظمة أوبك. ففي ديسمبر من عام 1975، اقتحم بصحبة خمسة من المقاتلين مدججين بالسلاح، اجتماع لوزراء منظمة أوبك، المنعقد في فيينا، وقاموا بقتل الحراس الشخصيين. ثم قرأ عليهم كارلوس بيان درع الثورة، الذي مجَّد فيه القضية الفلسطينية، وقد طلب من التلفزيون الرسمي النمساوي تلاوة هذا البيان كل ساعتين على مدى 24 ساعة.

يومها كان يقيم في دمشق بصحبة زوجته ماجدلينا وانطلق منها إلى عملية فيينا.

يومها كان يسكن منطقة “مزة فيلات”، بصحبة زوجته ماجدولينا ويقيم نشاطاته بالتنسيق مع الأجهزة الاستخباراتية السورية، وبعد سنوات من عملية الأوبك كان أن باعته تلك الأجهزة للأجهزة الاستخباراتية السودانية التي باعته بدورها للاستخبارات الفرنسية ومازال “كارلوس” يقبع في السجون الألمانية إلى اليوم، بعد أن تبددت رومانسيته الثورية وتحوّل إلى سجين منسي.

قبل كارلوس كان “كوزو كوموتو” الياباني، وهو واحد من أعلام الثورة اليسارية العالمية” قد تدرّب في دمشق بإشراف من وديع حداد والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وفي 30 مايو 1972 قام ومجموعة من رفاقه بعملية اللد (مطار بن غوريون)، وقبل البدء بالعملية تم الكشف عنها، وكل المعلومات اللاحقة تقول بأن كشفها كان على يد الاستخبارات السورية بالتنسيق مع الموساد الإسرائيلي.. يعني كان البيع.

في الفترة نفسها كانت “مريم” اليابانية، التي لم تكن غير «نوركو شيغينوبو» زعيمة «الجيش الأحمر» بصحبة «مجاهد الأرمنى» الذى لم يكن غير «آغوب أغوبيان» زعيم «الجيش السرى الأرمنى لتحرير أرمينيا»، قد«جاءوا من بعيد إلى المعسكرات الصغيرة، ليتدربوا في معسكرات البقاع وتحت أعين الاستخبارات السورية، ليتم اغتيالهم في بيروت من قبل الموساد الإسرائيلي وبالتنسيق مع الاستخبارات السورية كما كشفت الأيام اللاحقة.

أبو نضال صبري البنا، انضم إلى حزب البعث عام 1955 وانخرط في الأنشطة القومية الفلسطينية، ثم كون جماعته الخاصة في أواسط الستينيات، ثم انضم إلى حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) بزعامة ياسر عرفات عام 1967 في الأردن.

انشقت حركة فتح المجلس الثوري بقيادة أبو نضال عن حركة فتح لعدم ارتياحها للأسلوب القيادي الذي اعتبرته غير ثوري بالدرجة الكافية، وكان انشقاقها قد أعلن من دمشق وبترحيب من أجهزة الاستخبارات السورية، التي أرسلته بدورها إلى بغداد.

اضطر أبو نضال لمغادرة العراق عام 1983 حين طرده صدام حسين في سبيل إصلاح علاقاته مع الولايات المتحدة التي كافأته بعد سنة بالتحديد بإعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين الدولتين.

وعاد أبو نضال إلى سوريا ولكنه أجبر على غلق معسكراته هناك عام 1986 بضغط من الولايات المتحدة، حيث توجه بعدها إلى بولندا ثم إلى ليبيا في أواخر الثمانينيات.

وبعد حرب الخليج وجد أبو نضال فرصة لكسب ود صدام حسين، واتهم في يناير/كانون الثاني 1991 باغتيال قيادييْ منظمة التحرير الفلسطينية صلاح خلف المعروف بـ”أبو إياد”، وهايل عبد الحميد المعروف بـ”أبو الهول” في تونس.

وفي أبريل/نيسان 1998 تخلصت السلطات الليبية من أبو نضال وسلمته للسلطات الأمنية المصرية، حيث مكث للعلاج من مرض سرطان الدم في القاهرة مقابل ما وصفتها دوائر بأنها صفقة لتنفيذ بعض العمليات ضد بعض الجماعات الإسلامية المصرية المعارضة.

وانتقل بعد أشهر إلى بغداد تحت ضغوط دولية على مصر. حكم عليه بالإعدام غيابيا لاغتيال السكرتير الأول بالسفارة الأردنية في لبنان عام 2001.

اغتيل أبو نضال في بغداد يوم 19 أغسطس/آب 2002، وأعلنت السلطات العراقية أنها وجدته صريعا في شقته ببغداد وأنه مات منتحرا بعد أن أطلق على نفسه رصاصة واحدة اخترقت فمه وخرجت من مؤخرة رأسه.

وكل المعلومات اللاحقة تشير إلى ضلوع الاستخبارات السورية في اغتياله بعد بيعه لصدام حسين.

ناصر السعيد، وهو المعارض السعودي المشهور، هرب من السعودية عام 1956 بعد ورود انباء عن احتمالية إعدامه. اشرف ناصر السعيد على برامج إذاعية معارضة للحكم السعودي في إذاعة صوت العرب في مصر ثم انتقل إلى اليمن الجنوبي عام 1963 وانشأ مكتب للمعارضة هناك. انتقل بعدها إلى دمشق ومن دمشق التي استضافته تم اختطافة مطلع السبعينيات وكان قد شارك في مؤتمر لاتحاد الكتاب العرب، فبيع كما بيع سواه.

ـ هل نحكي كيف بيع عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني الى السلطات التركية؟

قصة معروفة تفاصيلها مازالت مرئية، وفي التفاصيل أن عملية البيع قد تمت في دمشق، وبالتواطؤ الشخصي مع حافظ الأسد.

من هنا يتولد السؤال:

ـ ما الذي يدعو السلطات السورية للاحتفاظ بـ “لين سكاف”؟

هل يأتي ذلك في إطار تحضيرات لعروض الأزياء؟

ليس من جواب واضح وصريح سوى:

ـ أموال القذافي مازالت في مخابئها.

علّ لين سكاف تخبئ منها الكثير في خزانة ملابسها.

الصندوق الأسود مازال مغلقًا.

الأيام كفيلة بالإجابة عنه.

Exit mobile version