أصدر رئيس النظام السوري “بشار الأسد”، أمس الأحد، عفواً عاماً عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ صدور العفو العام.
وجاء في نص المرسوم الرئاسي كما أوردته صفحة رئاسة الجمهورية العربية السورية على الفيس بوك:
“الرئيس الأسد يصدر الـمرسوم التشريعي رقم 20 لعام 2019 القاضي بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 14/9/2019 عن كامل العقوبة أو جزء منها، وذلك حسب نوعها كالإعدام والأعمال الشاقة المؤبدة والاعتقال المؤبد (في حال أسقط الفريق المتضرر الحق الشخصي).. كما تضمن المرسوم عفوا عن كامل العقوبة المؤقتة أو المؤبدة السالبة للحرية للمحكومين المصابين بمرض عضال غير قابل للشفاء لمن بلغ الخامسة والسبعين من العمر، وعفوا كاملا أو جزئيا لبعض العقوبات المنصوص عنها بقانون مكافحة الإرهاب رقم 19 لعام 2012، إضافة إلى العقوبات المتعلقة بجرائم الخطف إذا بادر الخاطف إلى تحرير المخطوف بشكل آمن ودون أي مقابل أو قام بتسليمه إلى أي جهة مختصة خلال شهر من تاريخ نفاذ هذا المرسوم.. وشمل العفو أيضا جرائم الفرار الداخلي والخارجي (إن سلموا أنفسهم خلال ثلاثة أشهر للفرار الداخلي، وستة أشهر بالنسبة للفرار الخارجي).. وجرائم الجنح والمخالفات والأحداث والعقوبات المتعلقة بالغرامات التي يجري تسديدها والتسوية مع الإدارة العامة للجمارك ومكتب القطع أو الإدارة المختصة.. بالإضافة لمواد أخرى تتضمن عفوا عن كامل العقوبة في عدد من الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /148/ لعام 1949 وتعديلاته.. كما اشتمل المرسوم على استثناءات غير مشمولة بالعفو، وعلى شروط محددة وواضحة للاستفادة من أحكامه”.
لكن جهات حقوقية رسمية وغير رسمية شككت في مدى وطنية العفو العام الصادر لأسباب قانونية عديدة، حيث اعتبر المرصد السوري لحقوق الإنسان وهو جهة قانونية توثق الانتهاكات الحاصلة في سوريا من قبل جميع الأطراف، مقره في العاصمة البريطانية “لندن”، المرسوم التشريعي الرئاسي أمراً مثيراً للسخرية، وهو في حقيقته يساوي بين الجلاد والضحية، قال: ” إن مرسوم الأسد الأخير، مثير للسخرية، ومجرد كذب ودعاية وتلميع صورة النظام، معتبرا أنه نوع من المساواة بين الجلاد والضحية، في الوقت الذي لا يزال هناك عشرا الآلاف من معتقلي الرأي والمغيبين قسريا، في سجون النظام”.
وفي تصريح المرصد إشارة واضحة إلى أن الأسد يحاول من خلال هذا المرسوم إطلاق يد “شبيحته” أكثر في سوريا، عبر إمدادهم بعناصرهم التي سجنت سابقاً لإرضاء الرأي العام.
وأوضح المحامي السوري المعروف “أنور البني” على صفحته الرسمية في فيس بوك، على العفو العام الصادر عن رأس النظام السوري والذي وصفه بـ”زعيم مليشيا الأسد”، بأن العفو تضليل للرأي العام فهو في حقيقته لا يشمل إلا مؤيدي الأسد، ولا يشمل المعارضين السياسيين المسجونيين في مختلف أنحاء سوريا.
فكتب البني:” الأوامر الصادرة عن زعيم ميليشيات الأسد بشكل مرسوم عفو هدفها تضليل الرأي العام بأنه قادر على ذلك، وتضليل العالم بأنه يصدر عفوا عن معارضيه بينما الحقيقة أن العفو لا يشمل إلا مواليه، فبينما يشمل مواد العمل الإرهابي المنصوص عنها في قانون العقوبات فإنه يستثنيها من قانون مكافحة الإرهاب في لعبة واضحة للتضليل، حيث الجميع يعلم بأن المعتقلين ومنذ عام 2012 أي بعد صدور مرسوم مكافحة الإرهاب لم يتم اتهامهم بأي مادة من مواد قانون العقوبات، بما فيها مواد إضعاف الشعور الوطني أو الجمعيات غير المرخصة، وإنما يتم تحويل الجميع إلى محكمة الإرهاب بما في ذلك الفرار من الجيش حيث يحول لمحكمة الإرهاب ولم يعد يحول للقضاء العسكري، وبالتالي لن يشمل العفو أحد عمليا، بلعبة واضحة ومحاولة تضليل لا تخفى على أحد”.
وتابع البني شرحه لحقيقة المرسوم التشريعي قائلاً:” فأمر العفو من زعيم الميايشيا حقيقة يهدف إلى إرضاء الموالين الذين ارتكبوا جرائم القتل والخطف والرشوة والتهريب والسرقة والنهب والمخدرات، ولا يشمل أي أحد من المعارضة ولا حتى من أنجز تسوية مع النظام، ويهدف لجمع كمية من المال كما يهدف لتتجنيد عدد أكبر بالخدمة الإلزامية لمواصلة قتل السوريين وتدمير سوريا”.
واعتبر البني أن بشار الأسد هو الذي يحتاج إلى عفو من شعبه “من يحتاج العفو لا يمكنه إعطاء عفو وحتماً لن نعفو عن المجرمين ضد الإنسانية ومجرمي الحرب”.
وكان للسوري “جاسان دبوس” رأي حول السبب الذي دفع الأسد لإصدار هذا العفو، فكتب رداً على الرأي القانوني للمحامي أنور البني: ” نعم أستاذ أنور صحيح لكن هناك قصة خلف هذا المرسوم بكل الأحوال وهي بشكل ملخص أوامر روسية بناء على طلب ألمانيا وغيرها لأنهم يدرسون المرحلة المقبلة بخصوص اللاجئين، ومن ناحية روسيا تأمل بالحصول وفق ذلك على مبلغ تساعدها به أوروبا لصالح ذات الموضوع لتساهم في تحريك الطلب الالماني….الخ، والنظام من جهته يعول على إعادة تعويمه وفق ما ذكر أعلاه، روسيا تعمل الآن على أمرين موضوع النظام وموضوع الحصول على الاموال مستغلة القلق الالماني والاوروبي بشكل عام من موضوع اللجوء وكل يكيل لآخر على مبدأ حكلي لحكلك”.
ودارت موجة كبيرة من التعليقات الساخرة على العفو العام بين أوساط السوريين الذين يعرفون تماماً ما هي السجون السورية، وما تعنيه عبارة “عفو عام” لدى المساجين، وهم الذين يلقبون صاحب هذا العفو بـ “قاتل شعبه”، وهم الذين خبروا جيداً عشرات المراسيم الصادرة تحت عبارة “العفو العام” والتي زادت من أعداد المفقودين داخل السجون بدل إنقاصهم.
فعلق عبد القادر عمران وهو سوري من مدينة حلب، وعلى ما يبدو فإنه عانى من تهمة الإرهاب وما تحمله من معاناة داخل سجون الأسد:” العفو العام هو ليس عام كما يفهمه الجميع.. تحت كل بند ..ويستثنى من العفو المادة كذا..وبعد وصول الشرح القانوني لمرسوم العفو..لا نجد إلا نذرا يسيرا من المشمولين بالعفو..ففي عام 2011 صدر عفو عام ..وكان عدد سجناء حلب المركزي 6732 سجين..لم يستفد منه إلا 235 سجينا..يعني في سوريا جميعها لم يستفد أكثر من 1300 سجينا..فلا تغرنكم ضجيج الكلمات..فالعفو مدروس لمن سوف يفيد”.
مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي