تضحيات بلا حدود، وأثمان بلا حدود، وانتكاسات لاحد لها، هو ذا واقع الحال السوري ما بعد عقد من التضحيات والدموع والدماء، وبالنتيجة، لا حاجة للمزيد من إنكار الوقائع وتجميل الموت.
لا حاجة لذلك أقله ما بعد المصالحة التركية مع نظام الأسد، وكانت الصحافة التركية، ومن بينها صحافة معارضة كما “جمهوريات” قد عنونت وبالخط العريض:«الأسد انتصر والأطلسية خسرت»، فكيف لها أن تكتب مثل هذا؟
«احتياجات (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين الخارجية، واحتياجات (الرئيس التركي رجب طيب) إردوغان الداخلية، تقاطعت لتُثمر ضغطاً روسيّاً في اتّجاه عقْد اجتماع وزيرَي الدفاع التركي والسوري في موسكو، ولينفتح بالتالي قليلاً باب التطبيع بين سوريا وتركيا».
ووفق غولر كاتب المقال ، فإن «الكثير من التكهّنات ظَهرت في تركيا وسوريا حول الموضوعات التي ناقشها الوزيران، ولكن يمكن القول إنه من زاوية السياسة الخارجية التركية، قَبِلت أنقرة حقيقة أن السياسات الإقليمية ستسير من الآن فصاعداً على أساس «الحلّ مع الأسد» أو «حلّ الأسد»». وكان الكاتب قد شدّد على أن الأهمّ من كلّ هذه التقييمات، هو «أن نرى مقدار انعكاس عمليّة التطبيع من زاوية السياسة الخارجية التركية، على سلوك أنقرة في القضايا الإقليمية والدولية، وهو ما يَفترض أن «حلّ الأسد» سينعكس على سياسات تركيا الخارجية. وهذا يتطلّب خطوات ضرورية في الميدان تعكس النهج الجديد».
وأوّل هذه الإجراءات، يقول الكاتب، هو تفكيك الهياكل التي أنشأتها أنقرة من أجل إطاحة الأسد؛ وتضمّ الجماعات المسلّحة كلّها، السورية والإسلامية والراديكالية، التي فتحت تركيا لها الحدود وشكّلت لها برلماناً وحكومة أيضاً. فبرأي غولر، يُشكّل ما تقدَّم، «القضية الأكثر أهمية الآن»، إذ إنه بـ«حلّ هذه الهياكل» يمكن التوصّل إلى ما يصفه الكاتب بـ«الحلّ المرن» لوجود الجيش التركي في سوريا. ويضيف: «بالطبع، إن حلّ هذه الجماعات ليس بالسهولة المتوقّعة، إذ له كلفة سياسية واجتماعية. البعض منها لن يترك السلاح بل ربّما يتحرّك ضدّ تركيا. وهنا سيكون للتعاون بين الجيشَين التركي والسوري أهمية كبيرة، كونه سيسهّل أولاً تصفية الجماعات الإسلامية المسلّحة وسيقلّل من الكلفة على تركيا؛ وسيساعد ثانياً على برمجة انسحاب تدريجي للجيش التركي وسيطرة مقابِلة للجيش السوري على أراضيه». ويتساءل، في هذا الإطار، عمّا إذا كانت السلطات التركية ستقبل بالسيناريو المتقدّم، أم أنها ستطوّع رؤيتها على وقْع الانتخابات الرئاسية وستطرح شرط «تحقيق الاستقرار السياسي» أوّلاً؟.
هكذا هو الحال، وهاهي ذي النتائج بعد عقد من توهج الحلم السوري واطفائه، أما لماذا وصلت سوريا إلى هذا الحال، فهو السؤال المتأخر، الذي لابد وسيتجدد ويدخل صفحات التاريخ:
ـ حلفاء النظام وقد اشتروه كي لايبعوه.
ـ حلفاء معارضات تبيع المعارضات على الرصيف.
والاهم من هذا وذاك معارضات ممزقة ما من ترزي قادر على رثوها، فمن يشتريها؟
حتى الرصيف لابد ويلفظها.