لن تطيروا بلا لقاح.. افهمومها

لن تطير بعد اليوم.. هذه ليست مزحة، فحكومات كثيرة ستعلن شرطها “تناول اللقاح شرط لدخول بلادنا”

قالها الرئيس التنفيذي لشركة كانتاس للخطوط الجوية الاسترالية في تصريحات نقلتها الـ بي بي سي إن الحكومات ستشترط تناول اللقاحات المضادة لفيروس كورونا لدخول المسافرين الأجانب أراضيها.

ما يعني أنك ستكون في الإقامة الجبرية إن لم “تتلقح” ضد “كورونا”، وعلى شركات الطيران العالمية أن تتقيد بتفعيل هذا الأمر فـ “”يقع على عاتقنا واجب حماية الركاب وطواقم الطيران، ويعني ذلك ضمان سلامة كل الأشخاص على متن الطائرة”.

هذا ماقاله آلان جويس الرئيس التنفيذي لشركة كانتاس، الاسترالية، العملاقة، وهو (رجل أعمال إيرلندي من أصل أسترالي(  ليكون تناول اللقاح شرطًا لدخول البلاد “أية بلاد”.

جويس يعتقد أن الركاب سوف يكون لديهم استعدادًا لقبول هذه التغييرات، فـ: “الأغلبية العظمى من عملائنا يرون أنها فكرة رائعة – 90 في المئة ممن شاركوا في مسح أجري حول ذلك يرون أن تناول اللقاح ينبغي أن يكون من متطلبات السفر الدولي”.

لكن ماذا عن البشر الذين يعارضون اللقاح من اساسه ولا يثقون بنتائجه؟

ماذا عن تلك  الأصوات الهامة التي تعالت برفض هذه الفكرة، ومن بينها منظمة الصحة العالمية التي قال مديرها لشؤون الصحة الرقمية والابتكار برناردو مايارنو “لا نوافق على أن يكون تناول اللقاح بمثابة جواز سفر”.

ـ الاستراليون لن يلتفتوا إلى هذه الأصوات، ويبدو أن القصة ستبدأ من استراليا.

لاقيمة لتلك الأصوات المعارضة فالقرار سيتخذ، مع ملاحظة ما يترتب عليه على أنشطة الطيران ومكانتها في الاقتصاد العالمي، ولمن لايعلم  فالطيران هو واحد  الأنشطة الهامة بالنسبة للاقتصاد العالمي. وقدر الاتحاد الدولي للنقل الجوي (ياتا) نصيب نشاط السفر جوا بحوالي 1.8 ترليون دولار من الناتج العالمي.

لكن القيود التي فرضتها الحكومات والمخاوف حيال التقاط عدوى كورونا أدت إلى هبوط حاد غير مسبوق في أعداد المسافرين الذين يستخدمون خدمات القطاع الذي كان مسؤولا عن نقل 4.5 مليار شخص في 2019.

مع ذلك أغلقت الحكومة الأسترالية حدودها أمام أغلب المسافرين الأجانب علاوة على إغلاق مؤقت للحدود الداخلية بين مقاطعاتها.

ـ وماذا عن لخسائر؟

بسبب التراجع الحاد في عدد الركاب، تعرضت كانتاس لخسائر بواقع 800 مليون دولار في النصف الثاني من 2020 مقارنة بالأرباح التي تحققت للشركة في نفس الفترة من 2019 بقيمة 596 مليون دولار. كما كان التراجع الحاد في أعداد الركاب سببا في إلغاء حوالي 8500 من إجمالي طواقم العمل التي بلغ عددها 29 ألف وظيفة قبل انتشار الوباء.

كما مُنح الآلاف من العاملين في الشركة عطلة مدفوعة الأجر بينما تسدد الحكومة الأسترالية أجورهم.

واستجابة لانتشار الوباء، خفضت الخطوط الجوية قدراتها من خلال تخزين عدد كبير من طائراتها. ولدينا كانتاس، على سبيل المثال، التي خزنت حوالي ثلثي طائراتها البالغ عددها 314 طائرة.

ـ الخسائر هائلة، والشركة التي يقودها “جويس” كانت أكثر عرضة للخسارة، والطبيعي أن لايلتفت “جويس” إلى الآثار المترتبة على “كورونا” بقدر ما عليه أن يلتفت إلى “شركته”، ولكن حدث عكس ذلك، وهذا ما يلفت الانتباه، فثمة بشر مازالوا يتطلعون إلى سلامة البشرية.

قبل ذلك، ونعني ماقبل “كورونا”، كان “جويس” قد قال بأن الطيران مسؤول عن حوالي 2.5 في المئة من انبعاثات الكربون حول العالم، لكنه وشركته كانتاس كان  لديها “أكبر برنامج تمتلكه شركة طيران للتقليل من انبعاثات الكربون”.

كما تقول الشركة أنها تستثمر 38.7 مليار دولار في إطار شراكة مع شركة بي بي لتطوير صناعة مستدامة لوقود الطائرات في أستراليا. إضافة إلى ذلك، أشارت الشركة إلى أنها تتطلع إلى تطوير تكنولوجيا مثل تصنيع طائرات موفرة للوقود علاوة على استخدام مركبات جوية تعمل بالطاقة الكهربية والهيدروجينية.

وقال جويس: “أعتقد أن عليك أن تفعل ذلك، فإنفاق الأموال على خفض الانبعاثات لا يتعلق فقط بالمحصلة النهائية لتلك الجهود”.

وأضاف: “لابد أن تفعل ما هو صواب على مستوى البيئة، ولابد أن تفعل الصواب على مستوى المجتمع، وإلا لن تحصل على رخصة اجتماعية للعمل في المستقبل”.

للحفاظ على الموقف المالي للشركة، جمعت كانتاس 770 ألف دولار من بيع عربات الطعام الصغيرة التي استخدمت على متن الطائرة بوينغ 747 التي خرجت من الخدمة علاوة على بيع عبوات بلاستيكية من الخمور ومخزون بسكويت الشيكولاتة تيمتامز الأسترالي المشهور.

وقال رئيس الشركة: “يجب أن تكون لديك المرونة والقدرة على التكيف لكي تصمد”.

وأضاف: “هذا هو سر بقاء كانتاس لمئة عام لتكون شركة الطيران الأقدم التي لم تتوقف عن العمل على الإطلاق على مستوى العالم”.

وتابع: “هذا جزء من الحمض النووي الخاص بها، وهو ما أرجح أن يكون السر وراء استمرارنا لحوالي مئة عام مقبلة على الأقل”.

ما سبق ليس إعلانًا ولا ترويجًا، لا لـ “جويس” ولا لشركته، إنه مجرد مثال عن أولئك الناس الذين ينظرون إلى المستقبل ، إلى ” الحمض النووي الخاص بهم، وهو ما يرجح أن يكون السر وراء استمرارهم لحوالي مئة عام مقبلة على الأقل”.

ـ هل لنا أن نقارن ما بين هذه الذهنية وذهنية من يقود اقتصادياتنا من “العرب”؟

Exit mobile version