مرصد مينا
بدا شاحباً ومتعباً، وأنهى خطابه بـ “بلا وعد”، ليقول، وعلى حد تعبير زياد الرحباني “بلا ولا شي”، فمعركة المفخخات قد تجاوزت كل تاريخ التفخيخ .
تاريخ التفخيخ والاغتيال لابد كان قديماً، فإسرائيل سبق وسجلت عمليات اغتيال مسؤولين لبنانيين وفلسطينيين على الأراضي اللبنانية، وخصوصاً بعد احتدام المواجهة في سبعينيات القرن الماضي. فمن اغتيال كمال ناصر وكمال عدوان ومحمد يوسف النجار من منظمة التحرير الفلسطينية، مروراً باغتيال أحد كوادر “المقاومة الإسلامية”، الحاج غالب محمد عوالي، في عملية مخابراتية (زرع عبوة متطورة في سيارته، وتفجيرها عن بعد)، في حي معوض (الضاحية الجنوبية لبيروت) عام 2004 واغتيال القياديين في حركة “الجهاد الإسلامي” الأخوين محمود المجذوب “أبو حمزة”، وشقيقه نضال، بالإضافة إلى عمليات اغتيال مسؤولين في “حزب الله”.
الاغتيالات طالت الكثيرين وحتماً لم يكن أبو مهدي المهندس وقاسم سليماني آخر قوافلها، وإن خارج المربعات الأمنية لحزب الله، غير أن
العمليات التي تولّى الموساد و”أمان” تنفيذها في لبنان كانت تتم عبر عمليات تفجير مساكن أو سيارات يقوم بها عناصر الموساد و”أمان” بالتعاون مع عملاء، إلّا أنّها المرة الأولى التي يتم فيها اغتيال مسؤول فلسطيني عبر طائرة مسيّرة، كما هي الفرضية السائدة.
إذن ثمة ماهو جديد في الأمر وفي حال صَحَّت سردية المسيّرة في إطار اغتيال القيادي الحمساوي صالح العاروري، يمكن القول إنها ليست المرة الأولى التي تستعمل فيها هذا النوع من الأسلحة في العمليات الدقيقة. ففي آب 2019، استهدفت المنطقة التي يتمركز فيها مكتب العلاقات الإعلامية لـ”حزب الله” في شارع معوض بمسيّرتين إسرائيليتين قيل آنذاك إنها كانت تستهدف القيادي في “حزب الله” أبو علي حيدر من دون أن تنجح.
حينها أثار هذا الاعتداء عدداً من التحليلات عن مكان انطلاق الطائرتين، وما إذا كان عبر عملاء من لبنان أو من إسرائيل، وأسقطت التقديرات الأولية فرضية أن تكون الوجهة التي سلكتها طائرات التجسس الانتحارية من البحر باتجاه الضاحية، من دون استبعاد بشكل كامل إمكانية انطلاقها من لبنان من مكان مرتفع وبعيد نسبياً عن الضاحية.
اليوم، وبعد الفرضيات التي تحدثت عن إمكانية استهداف المبنى الذي كان متواجداً فيه القيادي الحمساوي بطائرة، عادت التساؤلات نفسها عن مكان انطلاق الطائرة.
كل التساؤلات ستذوب تحت وطأة السؤال:
ـ وكيف لإسرائيل فعل كل ذلك لولا :”الخيانة”، وكيف لو لم يكن حزب الله ببيئته مزروع بالجواسيس؟ وكيف لحزب “برعاية الله” أن يحتوي ببيئته على كل أولئك الشياطين الذين يرشدون العدو على مبيت قياداته وحلفائه وتحركات قيادييه؟
ثمة ما يتخطى الأقمار الصناعية، وثمة ما يتخطّى خرائط غوغل.
لابد أنه، ونعني حسن نصر الله، يعرف بالتمام والكمال أن المتفجرات تنام مع وسادته، وأنه مخترق حتى عظامه وما دون العظام.
ـ الهذا بدا شاحباً وهو يلقي خطابه وسط جمهور يهتف:
ـ لبيك نصر الله؟