fbpx
أخر الأخبار

لوكاشينكو.. المهاجرون هم الصفقة : امنحوني الطغيان وإلاّ

تتداعى مشاهد كوارث المهاجرين، ولن يكون مشهد دفن الشاب السوري الذي قضى بردًا في بيلاروسيا آخر مشاهد الكارثة، فالكارثة تمتد، والهجرات لن تتوقف من دول تعاني بؤس الحريات، وشحّ الرغيف، وفقدان الامل، وهاهي الشاشات اليوم تمتلئ بالصور الصادمة لأمهات يحتضن اطفالهن في اعتقاد واهم أن الامومة تحمي من صقيع بيلاروسا، حيث الاسلاك الشائكة ما بين بولندا وتلك الدولة المسماة بالبيضاء فيما السواد يغطي حدودها والجنود ببنادقهم المذخّرة وراء الاسلاك الشائكة.

العالم يتفرج، وليس ثمة ما يكسر الفرجة سوى مقالات واخبار متفرقة تموت بالتقادم كحال المهاجرين الذين تزهق ارواحهم وهم يبحثون عن الخلاص.

شارلوت ماكدونالد غيبسون وهي كاتبة رفيعة الشأن، كانت من بين الذين رفعوا الصوت في استغاثة صريحة وجهتها من خلال صحيفة “نيويورك تايمز” قائلة ” إن الصور من الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، مهما كانت مروعة، ليست مفاجئة: فهكذا تبدو سياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي”.

ستضيف “حاول لوكاشينكو الانتقام من عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد نظامه ولهذا ساعدت حكومته اللاجئين الوصول إلى الحدود البولندية المحصنة”.

فعلى من تقع مسؤولية الكارثة؟

تحمّل الكاتبة الجزء الأكبر من المسؤولية عن هذه الكارثة الإنسانية زعيم بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، حيث حبس آلاف المهاجرين، العديد منهم من العراق وسوريا، في غابة متجمدة لأسابيع متتالية.

تلك إجابة الكاتبة وفي التفاصيل اللاحقة “حاول لوكاشينكو الانتقام من عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد نظامه ولهذا ساعدت حكومته اللاجئين الوصول إلى الحدود البولندية المحصنة، حيث لم يواجهوا سوى المشقة والمعاناة. وعلى الرغم من قيام الحكومة بإفراغ المخيمات يوم الخميس إلا أن الضرر قد حدث”.

تلك هي المسألة، فمن لايقدر على الحمار، يثأر من البردعة، فلوكاشينكو ووفق الكاتبة كان قد اشتغل على الانتقام “المحسوب” على حد تعبير شارلوت ماكدونالد غيبسون، فعلى مدى السنوات الست الماضية، حاولت دول الاتحاد الأوروبي إبعاد المهاجرين عن البلدان الأفقر التي تمزقها الصراعات، من خلال الجدران الحدودية والشرطة الصارمة والصفقات المشبوهة مع دول خارج الكتلة، لكي تمنع الآثار السياسية للهجرة على نطاق واسع.

ذلك حال لوكاشينكو وهو يستكمل دور الرئيس التركي أردوغان، وكان اردوغان قد استثمر في اللاجئين بمواجهة أوروبا، حتى باتت لغته الدارجة:

ـ سنرمي المهاجرين في وجوهكم.

عند لوكاشينكو وحسب الكاتبة فإن “هذه الصفقات كانت خادعة للنفس، فمن خلال إظهار هذا الذعر والفوضى في احتمال وجود المهاجرين على أراضيه، أعطى الاتحاد الأوروبي الدول الاستبدادية خريطة طريق للابتزاز”.

وبعد، ماذا عن المجموعة الاوربية؟

حتى اللحظة لا استجابة من قبل المجموعة، وما لم تجد الكتلة استجابة موحدة ترتكز على قيمها التأسيسية للتسامح والتضامن، فلن يكون  لوكاشينكو آخر مستبد يستغل أحلام الناس في حياة أفضل.

المسألة ليست بنت اليوم، فقضية اللاجئين استعر اوارها منذ بدء الحرب في سوريا، يوم تدفق أكثر من مليون شخص باتجاه المجموعة الاوربية، ويومها عثر اللاجئون على من يرحب بهم، لقد كانت السيدة انجيلا ميركل قد رحبت بقدوم اللاجئين، ربما بما يتخطى بقية المجموعة الأوربية التي تركت شواطئها لغرق اللاجئين  أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط، حيث تم تقليص عمليات البحث والإنقاذ. وتم إيداع آخرين في مراكز اعتقال قاتمة على طول أطراف الكتلة الأوروبية، خصوصًا في اليونان التي أحالتهم إلى مستودعات إقامة اشبه بالمقابر، فيما ذهب الرئيس التركي إلى بيع قضية اللجوء بصفقات أرهقت أوروبا، ومن بينها صفقة استقبال ثلاثة ملايين لاجئ، أبرم بصفقته تلك مساعدات بلغت في دفعتها الأولى إلى 6,6 مليار يورو، ومن بعدها صفقة لاحقة بـ 6 ملايين يورو مقابل منع اللاجئين من مغادرة  الأراضي التركية إلى اليونان.

أردوغان يتلوه لوكاشينكو، ومن قبلهما كان معمر االقذافي يوم عرض الاتحاد الاوربي على العقيد الليبي معمر القذافي 60 مليون يورو في عام 2010 بعد أن هدد “بدفع الأفارقة الجائعين والجاهلين” إلى أروبا ، واليوم، تمول الكتلة خفر السواحل الليبي، على الرغم من التقارير التي تفيد بأن الكثير من الأموال يتم تحويلها إلى الميليشيات والمتاجرين بالبشر.

معمر، اردوغان، وهذا لوكاشينكو، ثلاثي اشتغل على المقايضة القاتلة:

ـ امنحوني حق الطاغية وإلاّ.

وإلاّ ماذا ؟

وإلاّ ارمي المهاجرين في وجوهكم.

اليوم باتت المسألة أكثر تعقيدًا، واكثر تراجيدية، فالمستبدون مازالوا مستبدين، وخيارات الشعوب التي ترزح تحت وطأتهم:

ـ الموت على طريق وهم الخلاص، أم الموت بيقين البقاء في بلدانهم.

كلا الخيارين موت.

وهاهو العالم اليوم يشتغل على:

ـ اقتصاد المهاجرين والطغاة يعرفون كيف يكون أكل لحوم البشر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى