مرصد مينا
سلطت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية الضوء على “الديكتاتور السوري بشار الأسد” مشيرة إلى أنه يستغل الحرب في أوكرانيا لمحاولة استعادة مكانته على الساحة الدولية، في وقت لم تعد تركيا والدول العربية وحتى بعض الدول الأوروبية تنظر إليه كرئيس “منبوذ” دولياً.
الصحيفة الفرنسية أشارت إلى أن جدول أعمال بشار الأسد لعام 2023 قد يكون قريبا مكتظا باجتماعات دبلوماسية لم يعرفها منذ سنوات؛ وأن من المفارقات أن مسألة إعادة تأهيل الأسد عادت إلى الواجهة مرة أخرى بفضل تركيا رجب طيب أردوغان، أحد ألد أعدائه منذ عام 2011، حيث بدأت بالفعل عملية تطبيع بين أنقرة ودمشق برعاية روسيا، جسدها الاجتماع الأول بين وزيري دفاع البلدين في نهاية شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي في موسكو. وكان من المقرر أن يعقبه اجتماع ثلاثي بين وزراء الخارجية، أُعلن عنه في منتصف شهر يناير/ كانون الثاني المنصرم، لكن تم تأجليه في نهاية المطاف لمدة شهر.
ليبراسيون قالت إذا انتهى الأمر بأردوغان والأسد إلى مصافحة بعضهما البعض، فمن المحتمل أن يفعلا ذلك من خلال تغطية أنوفهما. فقد أبدى كلاهما تحفظات علنية على هذا التقارب الانتهازي، بتشجيع من مصلحة انتخابية في تركيا والضغط من الرعاة الروس والإيرانيين على دمشق. بمبادرة منهم، فإن الرئيس التركي الذي طلب وساطة موسكو، عينه على الموعد النهائي المحفوف بالمخاطر، أي يوم 14 مايو/أيار: انتخابات تشريعية ورئاسية مزدوجة، سيسعى خلالها للفوز بولاية رئاسية ثالثة. لكن أردوغان يواجه معارضة سياسية وشعبية مستاءة للغاية من سياسته السورية. يثير وجود أكثر من 3.5 مليون لاجئ سوري في تركيا عداء الأغلبية بين السكان الأتراك الذين يواجهون أزمة اقتصادية حادة.
سولين بويراز، الباحثة الفرنسية التركية المنتسبة في معهد دراسات الأناضول، تقول بحسب الصحيفة الفرنسية إن “معارضة أردوغان قد بنت حملتها بالكامل على إعادة السوريين إلى وطنهم، وتقديمها على أنها مفتاح حل جميع مشاكل تركيا”. وأصبحت إعادة جميع السوريين في غضون عامين، بمن فيهم أولئك الذين حصلوا على الجنسية التركية، هو الأول من بين الأولويات الخمس لبرنامج التحالف المناهض لحكومة أردوغان الذي يقوده حزب الشعب الجمهوري. وقد دفع الاستقطاب في الجدل حول هذه القضية حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى المزايدة على عودة السوريين.
وعلى الجانب السوري -تتابع ليبراسيون- قوبلت رغبة أنقرة في الانفتاح بالتردد على أقل تقدير، وذلك على الرغم من التشجيع الملحّ من موسكو وطهران، اللتين تأملان كذلك في جذب تركيا إلى المعسكر المعادي للغرب في خضم الحرب في أوكرانيا والانتفاضة الشعبية في إيران. لكن بشار الأسد ليس حريصا على المساهمة في نجاح أردوغان الانتخابي ولا على تسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم. وشدد على أن الاجتماعات السورية التركية الجارية يجب أن تؤدي أولاً إلى “إنهاء الاحتلال التركي” للأراضي السورية ودعم أنقرة لجماعات المعارضة. وهي مطالب لم يرفضها الأتراك الذين يحتلون شمال غرب سوريا مباشرة أو يدعمون الجماعات الإسلامية المسلحة في هذه المنطقة الخارجة عن سيطرة دمشق. إلا أن النظام السوري ليس لديه الرغبة ولا الوسائل العسكرية بشكل خاص للسيطرة على هذه المنطقة المتمردة التي أعرب سكانها ومقاتلوها عن رفضهم لاتفاق سوري- تركي. وتعلق سولين بويراز: “يمكن أن يستمر مسلسل التقارب بين أردوغان والأسد حتى انتخابات 14 مايو في تركيا”.