مرصد مينا – ليبيا
ألقت أجهزة الأمن الليبي القبض على أحد المتورطين في أكبر عملية سطو بتاريخ ليبيا والتي حدثت خلال العام 2013 بمدينة سرت، وهي عملية السطو على أموال فرع مصرف ليبيا المركزي في مدينة سرت.
واعترف الجاني الذي لم تكشف السلطات عن اسمه بأنه قام بتنفيذ هذه العملية بالاشتراك مع آخرين، في واحدة من أبرز عمليات السطو التي سجلت في تاريخ ليبيا، فيما دعا جهاز الأمن الداخلي باقي الأجهزة الأمنية للتعاون من أجل ضبط كافة المتورطين في هذه القضية، وذلك بعد التنسيق مع مكتب النائب العام.
يذكر أن فرع المصرف في سرت قد شهد عام 2013 عملية سطو على شاحنة نقل أموال، وسلب شحنة مالية ضمت 53 مليون دينار ليبي، إلى جانب ملايين الدولارات من عملات أجنبية أخرى.
وكانت تقارير إعلامية كشفت في العام 2018 تفاصيل العملية التي بدأت في أكتوبر عام 2013، عندما علم “ع.ر.ص”، الذي كان يعمل في مصرف ليبيا المركزي، بقدوم سيولة مالية تقدر بــ53 مليون دينار ليبي، ومبالغ مالية أخرى من العملة الأجنبية.
تواصل هذا المتهم على الفور مع شخص آخر يدعى “ع.ح”، وهو قائد ميليشيا مسلحة، لإخباره بوصول هذا المبلغ الكبير، متفقا معه على سرقته حين وصوله.
ثم اتفق القيادي “ع.ح” مع أفراد مجموعته المسلحة، وهم “ع.ص”، من مواليد 1984، وشقيقه “م”، من مواليد 1980، وكانا يسكنان خلف ميناء سرت، إلى جانب “م.إ”، وهو من مواليد 1982، ويسكن بحي أبو فرعه بالمدينة ذاتها.
كما شمل الاتفاق “ص.ر”، والذي كان يقيم في منطقة “1000 وحدة سكنية”، وهو من مواليد 1985، وتم التنسيق أيضا مع “ي.ا”، من مواليد 1982، و”خ.ب.ع”، وهو من سكان منطقة الصبخة بسرت، ومزداد سنة 1979.
اجتمع كل هؤلاء قبل وصول الشحنة المالية بأيام، إذ اقترح البعض فكرة قتل سائق الشاحنة، ويدعى “أ.خ”، وأيضا الحارسان “أ.ك” و”م.د”، وكانا ينتميان إلى كتيبة “الجالط”، المكلفة بحراسة شاحنات نقل الأموال بسرت. غير أن هذه الفكرة استُبعدت بعد طرح احتمال أن يؤدي قتل السائق والحارسين إلى قيام أزمة قبلية، بسبب انتماءات هؤلاء لقبائل مؤثرة في سرت.
تغيرت الفكرة، واتفق المتهمون على خطف السائق والحارسين، ثم عرض مبلغ مالي عليهم، وفي حال ما إذا وافقوا يجري إطلاق سراحهم وإلزامهم بالسكوت عن السرقة مقابل المال الذي سيحصلون عليه.
وتنفيذا لهذه الخطة، توجه “ع.ص” إلى كتيبة “الجالط” للتنسيق مع قادتها، وهما شقيقان مسؤولان عن هذه الكتيبة الأمنية التي كانت تحرس الأموال عند وصولها إلى سرت.
اتفق “ع.ص” مع هذه الميليشيا المسلحة على سرقة الأموال في طريق وصولها إلى البنك، بعد تحديد الطريق التي ستسلكها الشاحنة، والاتفاق مع حارسيها، المنتميين إلى كتيبة “الجالط”، على عدم المقاومة.
بعد خروج الشاحنة من مطار سرت، أطلق المتهمون أعيرة نارية في الهواء، كما كان متفقا عليه، إلى أن وقفت الشاحنة، وتم تقييد السائق والحارسين، ونُقلوا جميعا إلى معسكر قديم في منطقة “700” في سرت، حيث يوجد مخزن أسلحة، وكانت هناك شاحنة أخرى في انتظارهم، وتمت تعبئة الشحنة المالية في شاحنة أخرى.
انتقلت المجموعة المسلحة بالشاحنة الممتلئة بالأموال إلى منطقة “قصور الضيافة”، حيث منزل “م.ص”، شقيقه “ع”، المخطط الرئيسي للعملية، وتركوا السائق والحارسان في المعسكر القديم، وبعد مشاورات، قُسم المبلغ المسروق بين أفراد المجموعة الكاملة.
اتفاق تقسيم الأموال كان يقضي، في البداية، بأن يتحصل آمر الكتيبة الأولى المُخطِّطة للسرقة، “ع.ص”، وشقيقه “ع” على النصيب الأكبر، إذ حازوا على حوالي 16 مليون دينار ليبي، بينما حصل “ع.ح” على 9 ملايين دينار ليبي، أما “خ.ع” و”ع.ر” و”ع.ص” و”ص.ر” على 7 ملايين دينار لكل واحد منهم.
وهناك من تحصل على مبالغ أقل، بمن فيهم الحارسان، كما جرى أيضا تقسيم مبلغ العملة الأجنبية بينهم بناء على الحصص المتفق عليها، لكن بعد شهور، توسعت دائرة الأشخاص الذين جرى اقتسام الأموال معهم، بعد العلم بتفاصيل الواقعة، وشملت الدائرة مسؤولين في سرت وخارجها.
بعد فترة من عملية السرقة، ظهرت آثار ثراء مفاجئ على كل المستفيدين من العملية، إذ اشتروا سيارات ومنازل فخمة، ونقل أغلبهم أموالهم إلى الخارج.
الأمر لفت انتباه لجنة تحقيق أُرسلت من طرابلس للتحقيق في الواقعة، ليتم القبض على الحارسين في البداية، وأثناء التحقيق معهما تم التعرف على المتهمين الذين نفذوا السرقة.
وأُرسلت قوة من طرابلس إلى سرت، وعملت على إنشاء كمائن للقبض على المتهمين، غير أنه جرت مقاومة هذه القوة الأمنية من قبل المتهم “ع.ح” ومجموعته، عبر قذف هذه الكمائن المنصوبة على عدة طرقات بقذائف “أر بي جي” وأسلحة مختلفة.
وبعد الاعتماد على قوة أمنية أكبر، تم توقيف المتابعين، وكشف لغز ظل عصيا على الفهم طيلة سنوات.