زاوية مينا
يبدو أن “البازار” قد رسى على تعويم بشار الأسد، فهذا هو الرئيس التركي يمد يده للمصالحة، وعلى حساب اللاجئ السوري، والقتيل السوري، والسجين السوري، وليس مستبعداً أن تصل التوافقات التركية مع نظام الأسد إلى مرحلة تبادل “المجرمين”، والمجرمون هنا هم كل من رفع صوته منادياً بإسقاط الأسد.
يحدث ذلك وفق مقدمات والمقدمات في مثالها الأبرز هي وقائع الأيام السوداء التي شهدتها مدينة “قيصري” التركية، ومن بعدها سيحمّل اللجوء السوري كل الأعباء التركية بدءاً من انهيار الليرة، وصولاً لعلاقة أردوغان بمعارضاته.
الصفقة ستكون بالغة الوضوح: بيعونا “قسد”، نبيعكم المعارضة.
وفي استكمالاتها، حملة عسكرية مفرداتها الجيش التركي مع الجيش السوري لتطويق السيطرة الكردية على مساحات من الشمال السوري، وبدعم روسي وغض بصر أمريكي، ومن بعدها يستعيد الأسد السيطرة على المناطق الكردية، وفي قفزة لاحقة بسط سيطرته على إدلب وبعض من ريف حلب، ليستعيد ما خسره من سوريا، ويستعيد نظامه ما فقد من قوّة.
يحدث ذلك وقد تخلّى العالم كل العالم عن “الثورة” السورية، أما عن التخلّي فله مايكفي من المبررات أولها أن فصائل المعارضة السورية، وبشقيها العسكري والمدني لم تقدّم نموذجاً واحداً يشكل البديل الجدّي والتاريخي لنظام الأسد، فإذا كان نظامه يعني فيما يعنيه:
ـ الفساد تحت مظلة العنف وبحماية العنف، فلهذه المعارضات ما يكفي منهما، عنفاً وفساداً.
ـ وإذا استعان نظام الأسد بقوى احتلال للبلد لحماية من أهالي البلد، فلم تكن هذه المعارضات أقل تبعية وارتهاناً للخارج بيعاً للبلد.
ـ وإذا كانت مشروعية النظام مهددة بسطوته على المشروعية، فلم يكن لهذه المعارضات من المشروعية الشعبية ما يكفي للقول بأنها تمثل الشعب وضمير الناس وارداتهم.
وإذا كان النظام قد قدم مايكفي من الخدمات لحلفائه من الإيراني والروسي، فالسؤال:
ما لذي قدّمته هذه المعارضة لداعميها، وقد تحوّلت إلى متسوّل، فقد عائداته في مفهوم الربح والجدوى.
ومجمل الأسئلة السابقة تقول بـ :
ـ حق داعمي المعارضة على التخلّي عنها، ذلك أنها لم تتفهم حقيقة التكلفة والمردود، وقد باتت مجرد عبئ على داعميها، وهكذا حدث التخلّي عنها من أقرب داعميها سواء من المجموعة العربية أو من التركي.
في كل الحالات، معارضة من هذا الطراز، لا تستحق الدعم، أما من تبقّى من السوريين فقد:
ـ انتزع النظام ماضيهم، فيما انتزعت المعارضات مستقبلهم، والنتيجة:
تخلّي العالم عنهم، ليتحوّل الشعب السوري إلى مادون الرغيف، ومادون الأمل، وكل ما تبقّى أمامه هو العودة إلى حضن نظام لن يكون أمَاً وكل ما سيكون حاله:
ـ زوجة أب.
زوجة أب بالغة القسوة، لأب لاوجود له.
ضاعت البلد، وكل ما تبقّى منها:
ـ ليتها لم تكن.