مرصد مينا
إعادة الاعتبار للمعارضة السورية، لايأتي بـ “قرار دولي “، تماماً كما، لاينفصل بؤس هذه المعارضات وانهيارها عن سياسات الإفساد التي مارستها دول بحق هذه المعارضات فنقلت المسألة السورية برمتها من “الشارع” والتظاهر وإرادات الناس، إلى احتكار هذه الإرادات وقد عبث فيها بالعسكرة تارة، والتكييف تارة أخرى، وبالفساد في كل الحالات، والمال لم يكن يوماً شريكا لثورة إلاّ وأفسدها.
واليوم، ثمة محاولات لإعادة إحياء هذه المعارضات عبر الاشتغال على إحياء هيئة التفاوض، ومعها الإئتلاف، وكل منهما أخذ مايكفي من حصته في الفنادق، دون أن يترك أثراً او وعداً للسوريين وقد توزعوا مابين المنافي والخراب.
ستكون المفاوض الآتية، وسيجلس النظام ومعارضات على طاولة واحدة، فعلى ماذا سيكون التفاوض؟
ليس ثمة شك أو وهم لدى أي من السوريين بأن النظام لن يكون جاهزاً لأي تنازل أو إصلاح، فمعطيات القوّة قد توفرت لديه بعد معطيات هزيمة المعارضات، ومن ثم لعبة الاحتضان الدولي التي أنعشت النظام، ومن يراقب إعلامه سيدرك مدى النشوة التي أصيب بها، وهي نشوة تسمح له بالمزيد من العنف، والمزيد من المكابرة، دون أن يقلقه تحوّل الدولة برمتها إلى دولة فاشلة، اقتصادها يقوم على الاتاوات والعصابة، والحريات فيها إلى المزيد من التضييق، دون نسيان المزيد من تمسك حلفائه به، وتحديداً حليفه الإيراني بحرسه الثوري واجهزة استخباراته، ما يجعل وصف الدولة بـ “الفاشلة” لايشكل قلقاً لنظام هو بدوره نظام عصابة، والقاعدة تقول أنه كلما انحدر شأن الدولة ارتفع شأن العصابة، وهذا ما يحدث في سوريا بدءاً من توقف الحرب فيها، وانتصار النظام على الضفة الأخرى، إلى لحظة تخلي الدول الداعمة للثورة عن الثورة، واحتوائها لشخصيات معارضة لم تشكّل يوماً قيمة في الوجدان السوري العام، وهيئة التفاوض كما الائتلاف، من بين هذه المعارضات التي لم تكن ذات وزن، ولم تشكّل وزناً في اللاحق من الزمن، وبالنتيجة على ماذا ستفاوض هيئة التفاوض؟
في الحد الأقصى على مشاركة شخصيات منها في إدارة “الدولة الفاشلة”، ولن تتجاوز في شراكتها إطاعة الاوامر، فيما المسألة السورية تطوي صفحة إلى أجل غير مسمى، ومعها يتنامى الفقر والمجاعة وكبت الحريات، كما أن ماوقع من أثمان سيذهب عرض الرياح، وهو مايعيد كلاماً سابقاً كان قد اطلقه نزقون، وعنوانه:
ـ ليتها لم تكن.