ليته أصغى لـ ” أنطونيو غوتيرش” 

مرصد مينا

هستيريا إعلامية أًصابت ضيوف برامج التوك شو أعقاب تصريحات السيدة الإسرائيلية المختطفة، وهي عجوز تجاوزت الثمانين، أما الهستيريا فكانت احتجاجاً على تصريحاتها بأنها عوملت كما يليق بمضيف يحترم ضيفه ما بعد اختطافها إلى غزة، وهستيريا إسرائيلية أصابت مندوب إسرائيل في هيئة الأمم المتحدة وقد وجّه لغة بالغة القسوة للأمين العام لهيئة الأمم المتحدة الذي ربط ما بين الاعتداء على الحقوق الفلسطينية وإنتاج التطرف على الجهة المقابلة، وصولاً لمطالبته باستقالة أمين عام الهيئة، وفي كلا الحالتين ثمة ما يقول بحجم الدعاية الإعلامية الكاذبة للإسرائيليين الذين لابد ويخفون حقائق الصراع ومآلاته، وحقائق الحرب التي تطال غزة كل غزة، وفق منطق الأرض المحروقة وقد قدّمت ما يكفي من البراهين على حرائق طالت غزة كل غزة، ليكون المدنيون هم ضحاياها.

ما قاله الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة، لم يزد عن التلميح، أما التصريح فمازال مسكوت عنه، فالكلام الصريح يقتضي القول بأن العنف ولاّد عنف، والعنصرية ولاّدة عنصرية، والإرهاب ولاّد إرهاب، ويكفي لإنتاج ما يزيد عن حماس، أن تذهب إسرائيل إلى يمين يمينها لتكون:
ـ الدولة اليهودية الصافية.
ما يعني الدولة الدينية، وهي الدولة التي لم يعد لها وجود في هذا العالم، وقد تجاوزت سلعته ومنتجاته القوميات والأعراق والديانات، وبات عالم تعبره من أقصاه إلى أقصاه بكبسة زر على كيبورد كومبيوترك، وما دام ثمة دولة يهودية صافية، فلن يكون مردود هذا سوى انتاج الحروب الدينية، وهي الحروب التي تتلقفها قوى وتنظيمات متطرفة وتعتاش عليها، ومن بين هذه القوى، وربما أشدّها تأثيراً ووضوحا تنظيم حماس بامتداداته على جماعة الاخوان المسلمين، وهم الوجه الآخر للعنصرية بمقابلة الصهيونية، وكلتاهما “جماعة الإخوان والصهيونية” سيتحوّلان إلى مصدر من مصادر تخريب هذا العالم بفارق حجم القوّة.

منذ مطلع السبعينيات إلى لحظاتنا أخذت إسرائيل فرصاً مفتوحة لتكون واحدة من دول شرق المتوسط، وكانت خطوة أنور السادات بهذا الاتجاه تعني احتواء إسرائيل المدينية لا إسرائيل اليهودية، فافتتح سفارتها في قلب القاهرة، ومن بعد السادات حمل ياسر عرفات غصن الزيتون إلى جانب رابين، فقتل كليهما، وبيد واحدة هي يد التطرف الديني، ومن بعد أوسلو وادي عربية، ومن ثم تداعيات التطبيع مع إسرائيل، وكل خطوة من التطبيع كانت لابد تهدف لوقف الحروب في منطقة لو تعايشت دولها واشتغلت على تنمية مواردها، لما كان مواطنها هارباً من المكان وكافراً به.
لم يستوعب الإسرائيليون هذه الحقيقة فأنتجوا مع كل يوم من عمر الدولة ما يوطد الصراع مع المحيط لإنتاج قوى وتنظيمات بل ودول تشتغل على التطرف وتعتاش عليه، ولو لم يكن الأمر على هذا النحو، لما عثر الخميني على دولة “جئناكم بالذبح” ولا تمددت تنظيمات من طراز حماس على مساحة فلسطين وأجزاء من الدول العربية وقد نسجت تحالفات مع مثيلاتها كما حزب الله والحشد والحوثي، وهو ما سمح لطهران بأن تضع يدها على أربعة عواصم عربية، لتحيل هذه العواصم إلى “دشم للسلاح” بديلاً عن دولة المواطنة والتنمية والحريات، وهكذا قدمت إسرائيل ما يكفي لإنتاج دكتاتوريات في هذا الشرق، دكتاتوريات تقاتل إسرائيل فتنهزم بمواجهة إسرائيل وتنتصر على شعوبها، ولا يعوزها تجديد الصراع ليكون صراعاً بين هدنتين لا يلبث أن يطلق صافرات إنذاره.

مؤرخو البلدان العربية يعرفون بالتمام والكمال، أن الدولة العربية في مطالع استقلالها اتجهت لعلمنة الحياة السياسية، ودمقرطتها، وكانت سوريا واحدة من امثلتها، وليس بالوسع نسيان قيمة وحضور البرلمان في الحياة السورية، فكان التحوّل نحو الدكتاتوريات على يد العسكر وتحت يافطة الصراع مع إسرائيل، ولم يكن لبنان إلاّ مساحة للحياة الديمقراطية لتأتي التحولات فيه نحو استئثار قوى التطرف وعلى الدوام تحت يافطة الصراع مع إسرائيل، وهكذا كان حال مصر، وها نحن اليوم بمواجهة النتائج:
ـ على الجبهة الإسرائيلية، مجتمع إما تحت السلاح وإما احتياطي سلاح، ما يجعله سجناً لساكنيه، وهذا من منتجات “الدولة الدينية”.
وعلى الجبهات العربية تستولي قوى التطرف على هذه البلدان لتتقاسمها مع أنظمة دكتاتورية شمولية خارج أيّ زمن سوى ازمنة الكهف.
كان على الإسرائيلي، مبعوث إسرائيل إلى الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة أن يُصغي إلى اللشبوني أنطونيو غوتيرش.

كان عليه أن يتعلّم بأن إسرائيل تنتج ما يماثلها:
ـ عنصرية هنا، تقابها عنصرية هناك.
والمحصلة:
قتل وقتل مضاد، بما يجعل خارطة برمتها :
ـ مقبرة، والناس اموات.

Exit mobile version