مابعد “العمالة” لإسرائيل.. ماذا لدى الأسد مايقوله للناس؟

هي اللغة إياها، لا لغة سواها لدى نظام سمته الفساد، والفساد لابد محمي بالإرهاب، فإذا ماجاع الناس وطالبوا بالحد الأدنى من “الخبز”، لابد من مواجهتهم بالحديد والنار، والتهمة الجاهزة “العمالة”  لإسرائيل، وقد تعدّى ذلك في خطّاب النظام إلى وصف المحتجين بـ “أبناء الخنازير”.. بهذا واجه النظام احتجاجات السويداء، أمّا عن مجاعة البلاد فلابد من إحالتها إلى “العقوبات” أو “الحصار” مع أن كليهما “العقوبات والحصار” لم تلق بظلالها على حال بلد مثل سوريا، وقد راكم فيها النظام سنوات طويلة من إفساد المجتمع، وإفساد الإدارات الحكومية، حتى باتت النظام مجرد إدارة للنهب وإدارة السلاح، مترافقين مع كل أشكال العنف وصولاً لتوزيع عصاباته بديلاً عن “الدولة” ومن يلتفت إلى حال منطقة مثل السويداء في سوريا، يعرف تمام العلم حجم تحكّم العصابات بشؤون الناس، وكان مثالهم عصابة “راجي فلحوط” وقد احتمت بالنظام واشتغلت لسنوات على “الخطف”، و “القتل” حتى بات الفلتان الأمني واحد من سمات الحياة في منطقة احتكمت ولأزمان طويلة إلى “العقل” واختارت السلام بديلاً عن العنف، فيما أمعن النظام بمطاردة ناسها وأبنائها وصولاً لحرمانهم من لقمة الخبز، بالمعنى الفعلي لا المجازي.

الخبز وبكل المعاني كان سببًا كفيلاً  باندلاع الثورات بدءًا ممن ثورة سباراتاكوس وصولاً للثورة الفرنسية وما أعقبها من ثورات، وسوريا اليوم لابد محرومة من لقمة الخبز، فيما يثري النظام وأزلامة ويزداد ثراء يومًا بعد يوم، وهو ثراء مبني على كل مايجانب شرف الثراء، فثراءه اعتمد على مصادرة الأرزاق، وسياسات “التشليح” و “الكبتاغون”، حتى بات نظام سمته “اقتصاد الكبتاغون” ومن يتتبع ثروات أزلام النظام والعائلة الفاسدة المتحكمة باالنظام يعرف بالتمام والكمال حجم الثروات الهائلة التي راكمها وهي ثرورات لن يتقاسمها مع الناس، وليس للناس أية حصة فيها، وهذا ليس جديدًا على النظام ولا على المتحولات التي وقعت ما بعد 2011 فتاريخه منذ الأب الراحل هو تاريخ الفساد وعائلات الفساد وليست ظاهرة “مخلوف” سوى واحدة من إشارات هذا الفساد وقد استولت العائلة على النفط طيلة نصف قرن، فيما قاسمت قوى السوق على أرزاقها حتى وصلت بهم الشراكة إلى التعدي على “عربة لبيع الخضار”.

واليوم ما الذي تبقّى من النظام ليقبل به الناس أو ليتوقفوا عن الثورة عليه؟

بداية اشتغل النظام على مايسميه حماية الأقليات.. حماية الأقليات مِن ممًن؟

هل كانت حماية الأقليات من التطرف الإسلامي؟

واقعيًا، وعلى كل لعنات التطرف الإسلامي لم يكن سوى مظلة لخطاب النظام، فيما الأقليات “بوصفها أقليات”، لم تعاني ماعانته إلاّ على يد النظام فالقيادات التاريخية الوطنية التي احتكمت إليها الأقليات في بلد مثل سوريا، اغتالها النظام أو همّشها النظام، ليختار كل من هو “مطعون بشرفه” ليتحكّم بهذه الأقليات، والدروز كما سواهم من الأقليات، هُمشت قياداتهم الوطنية ونخبهم الوطنية، وأمسك النظام مفاتيح بيوتهم إلى قطّاع الطرق والزعران، وقد امتد الأمر من الأب الراحل وتضاعف  مئات المرات علىى يد ابنه الوارث، ومن يعرف حقيقة من يتحكم بمصير السويداء يعرف حقيقة “البشاعة” التي تدار بها منطقة لم تكن يومًا خارج الخيار الوطني ووحدة البلاد، فما الذي أبقاه نظامًا كهذا للناس:

ـ انتزع الخبز من أفواههم والحرية من خياراتهم، وأطلق مسعوريه على الناس كل الناس.

ـ واجه مطالبهم بالعنف والاعتقالات.

وأخيرًا وعلى الدوام واجه الناس بالتخوين والعمالة لإسرائيل، وهو خطابه الاحتياطي الي يرفعه بمواجهة أي شكل من أشكال التمرد أو الاحتجاج ناسيًا أن حافظ الأسد هو من سلّم الجولان لاسرائيل، كما متناسيًا الطلعات الجوية الإسرائيلية التي “تتسلى” بالطلعات فوق سماء دمشق، فيما رفاقه من الإيرانيين يقاسمونه الفساد والاستبداد والاشتغال على تحوّلات ديمغرافية تسمح للإيراني بامتلاك مستقبل سوريا فيما “طائفة الفساد” احتلت ماضيه وطيلة خمسون عام.

السويداء، قطعة من سوريا.. تجوع مع السوريين وتعاني فساد حكامها كما بقية االسوريين، أما السلاح فهو سلاح النظام وأما القتل فما زال محتَكَرًا لأزلام النظام وجيش النظام وميليشيات النظام وأجهزة النظام.

مايحدث في السويداء اليوم يقول:

ـ إذا ما انطفأت الثورة في مكان، لابد وأن تستعر نيرانها في مكان آخر.

ما من حل سوى بـ “رحيل النظام”.

Exit mobile version