حزب الله مازال على خطابه، بل وعزّز الخطاب بما أسماه وحدة فصائل المقاومة ليشبّك مع حماس والجهاد الإسلامي والكل برعاية طهران، والقوى المناوئة للحزب وأكثرها تماسكاً حزب القوات، لابد ورفع من سقف خطابه، وربما برعاية ضمنية من بكركي، أما البقية من المتأرجحين فثمة منهم من يُصلّي وراء عليّ ويأكل على مائدة معاوية، ولبنان في متاهة لابد وستتجاوز قصة الرئاسة، إلى حكايات الشوارع، وقد سبق وأن وقع في جملة من الحروب الأهلية التي كلّفته ما يكفي من الدماء لنقول بأنه “غرق في الدماء”.
لاهذا ينزاح ولا ذاك سينزاح، فيما مواقف الدول التي لها حصة من البلد كـ “فرنسا” و “الولايات المتحدة” والمملكة العربية السعودية”، كما “طهران” لم تتقدّم أيّ منها بما يكفي للقول بحلّ رضائي يمنع لبنان من الدخول في الفوضى التي إن حدثت فلابد وستتجاوز في عنفها مأساة السودان، وهكذا سيُسمّر متابعو البثوث التلفزيونية بحربين يجتاحا العرب، بعد أن تابعوا حرب اليمن والحرب السورية، فيكون العرب كلّ العرب في المحرقة، وهكذا يرسمون لأنفسهم نهاية تاريخهم الذي لم يبدأ بعد، وهكذا ستتدحرج الكوارث من شرق المتوسط لتلتقي بكوارث مجرى النيل وباب المندب، والكل يقف على سلاحه، مرة بالمعلن من السلاح وثانية بالمختبئ منه، والحكاية قد تتوقف على غلطة.. غلطة واحدة تكفي لاندلاع سيل الدماء.
حسن نصر الله يتباهى بسبابته الملوّحة، وسمير جعجع يسخر من السبابة وحاملها، أما نبيه بري فهو عازف الصولو في لعبة الفساد، يتلقف هذا وذاك ويدير البرلمان كما لو مطبخ موروث من الجدّ وسيورثه إلى الاحفاد وإذا ماكان لوليد جنبلاط من دور فدوره اولاً بالحفاظ على طائفته، حتى ولو كان على حساب اللبنانيين كل اللبنانيين، ويبقى “سنّة” لبنان هم الحلقة الأضعف ما بعد غياب الحريرية أو تعطيلها، وهشاشة الميقاتية وميوعتها، ويبقى لبنان على الحافة، وقد استبدل شعار:
ـ كيف نخرج من الحافة إلى متى ننحدر إلى الهاوية.
والعالم منشغل، وليس من اشتغالاته لبنان كأولوية فيما تتسرب أخبار من هنا وهناك تقول بالعودة السورية إلى لبنان، وهي العودة التي إذا ماحدثت فلن يكون لها سوى معنا واحد، وهي إعادة تأهيل نظام دمشق، للإجهاز كلياً على تأهيل لبنان.
المملكة تتفرج، والامريكان يتفرجون، أما الأمّ الحنون، ونعني باريس، فليس لها لادور أم ولا دور زوجة أب او دور مرضعة لبلد لابد ويعاني من كمشة حليب.
اليوم في السودان، وبالأمس سوريا، اليمن، العراق.
وكل الخوف أن تندلع نيران لبنان.
وبعدها هي القيامة العربية التي لن تأخذ العرب إلاّ إلى الجحيم.
ليس جحيم دانتي، بل جحيماً آخر قد لايعثر على دانتي ليرويه.