زاوية مينا
وكأنها لم تكن؟ جملة من الصعب قبولها، فالحرب التي حدثت تعني بالنسبة للإسرائيليين القتال من أجل اجتثاث البعد العسكري لحزب الله ونزع سلاحه، وبذلك تكون قد حققت (أمنها) بعد أن دفعت ما لم يكن بالنسبة إلى الإسرائيليين ثمناً قليلاً، لا من حيث منعكساته على البشر، ولا من حيث منعكساته على الاقتصاد، وكذلك بمنعكساته على سمعة إسرائيل وقد انحدرت إلى الحضيض ما بعد آثام الحرب التي ارتكبتها.
و (كأنها لم تكن) بالنسبة لحزب الله، لن تمحو حقيقة القرى المدمّرة والضاحية المدمّرة وآلاف الضحايا ممن طالتهم آلة القتل الإسرائيلية، والنتيجة “نزع سلاحه” أيّ الهزيمة المدويّة.
في الصيغة الإسرائيلية التي لا تراجع عنها ستكون:
ـ الحرب كانت، وهذه اثمان إيقافها:
ـ أولاً نزع سلاح حزب الله، وثانياً ما يضمن انعدام مقدرة الحزب على استعادة تسليح نفسه، وهنا مربط الفرس.
وفق 1701 ومندرجاته، فتطبيق القرار يعني نزع سلاح حزب الله، ولن تخطو الحكومة الإسرائيلية نحو ذلك إذا لم يكن ثمة ضامن للأمرين معاً (1701ومندرجاته) ولا بد أن تكون الإدارة الأمريكية هي الضامن الأول لتطبيقه وربما إلى جوار قوّة فرنسية أو بريطانية أو متعددة، وإذا لم تكن مثل هذه الضمانة لن يكون إيقاف الحرب وهنا ستتصل بقية الأسئلة بحزب الله وقيادته، وكذلك بمرجعيته الإيرانية فـ :
ـ حزب الله بعقيدته ومتراكمه الثقافي والقيمي، هي عقيدة ومتراكم عسكري اولاّ وأخيراً، فيما تحوله إلى حزب سياسي بحت، سيعني نزع (سبب وجوده) و (علّة) هذا الوجود، والسبب والعلّة مرتبطان بعشرات آلاف المقاتلين الذين لا حرفة لهم سوى لعبة السلاح، وأدمغة لا ترى نفسها سوى بالسلاح، فما مصير هؤلاء الذين يعنون أجيالا، وليس جيل واحد يمكن إعادة تأهيله للحياة المدنية التي تعني احترام إشارة السير وشرطي المرور والإذعان للقوانين التي تحوّلهم من مقاتلين إلى مواطنين، فكيف سيكون حال هؤلاء فيما لو انتزع السلاح من أكتافهم دون إمكانية انتزاعه من أدمغتهم؟
هو السؤال المعضلة، غير أن المعلومات المتوفرة حول مآل دبلوماسية (هوكشتاين) تفيد بأن نبيه بري كان قد حصل على موافقة حزب الله على تطبيق 1701١ بمندرجاته، وكنا سمعنا كلاماً من نعيم قاسم الأمين العام لحزب الله وخلف حسن نصر الله يقول بأن الحزب سيكون شريكاً في الحياة السياسية اللبنانية، دون أن يرفع اصبعه مؤكداً قدسية سلاحه، وهي الـ “قدسية” التي طالما دافع عنها أمينه العام الراحل، فيما هي (البضاعة) التي يستأجرها “الولي الفقيه” ويتاجر بها لاسترداد مكانته في الشرق الأوسط، وهذا يعني فيما يعنيه ظهور معضلتين بمواجهة 1701:
ـ أولهما: ماهو مصير مقاتلو حزب الله الذين لم يحترفوا سوى “العسكرة”، وهل سيكون بوسع لبنان باقتصاده وإدارته إعادة تأهيلهم ليكونوا جزءاً من قوّة عمل لبنان وتنميته واقتصاده؟
ـ وثانيهما: هل ستتسامح إيران مع انتزاع ذراعها الضارب في المنطقة، وهو الانتزاع الذي يعني تدمير استثمارها ولمدة زادت عن أربعة عقود في خطاب “الطريق إلى القدس”، وبالنتيجة انكفائها إلى ما وراء حدودها لتواجه شعباً إيرانياً بات يعجز عن قبول سطوة وسلطة الحرس الثوري والملالي حتى بات سائقو التاكسي العموميون يرفضون توصيل معمّم في سياراتهم فيما مازال صبايا مهسا أميني يهتفون:
ـ الموت للمرشد؟
صيغة صعبة وبالانتظار.