الرئيس الفرنسي يتلقى صفعة.. كان الخبر الأكثر إثارة وتداولاً، ومعه كان الكلام يدور حول اليمين الفرنسي الذي يهتف لعودة الملكية الفرنسية بمواجهة ما يسمونه “الماكرونية”.
ربما الأمر أبسط من ذلك، فلا القصة مرتبطة بصعود “مزاج” اليمين الفرنسي، ولا بنشوة تيار الملكية الفرنسية، كل مافي الأمر، أنه ما من جيل شاب، إلاّ وفي صفوفه شاب يرغب في صفع الرئيس.. أي رئيس.
قد يمثل صفع الرئيس احتجاجًا على ماكينة الدولة برمتها.. قد يكون احتجاجًا على “العائلة” بوصفها الخلية الأولى في بناء الدولة، وقد يكون صفعًا مطلبيًا دافعة فرصة عمل أو ظلم لحق بـ (الصافع) وتلقاه (المصفوع)، ولكنه وفي كل حالاته فعل لابد ويحمل بعض من المتعة.
السؤال، بالنسبة للفرنسيين كان:
ـ ما الدافع وراء صفع الرئيس؟
والسؤال بالنسبة لعرب العالم الثالث كان:
ـ ما الذي كان يمكن أن يحصل لمن صفع الرئيس؟
في المشهد الفرنسي، مرافقة الرئيس تهرع إلى مكان الحادث (الصفعة) دون إشهار سلاح، لتكتفي بإبعاد (الصافع) عن (المصفوع) ومن ثم لتصفّد الصافع وتأخذه إلى التحقيق.
وبعدها يمكن افتراض السيناريو التالي:
ـ لماذا صفعت السيد الرئيس؟
ـ لن أجيب إلاّ بحضور محامي.
وسينتظر المحققون المحامي، وقد تنتهي المسألة بغرامة مالية تترتب على الصافع تحرمه من متابعة تدخين الغلواز أو الجيتان.
لنتصور لو حدث ذلك في بلد عربي، كسوريا مثلاً.
حتمًا لن يحدث، لا لأن الشباب السوري لايرغب في صفع الرئيس، فقد يكون لهم هذه الرغبة مضافة إلى رغبات أخرى لاتقل عن التبول على السيد الرئيس، ولكنه لن يحدث، لأن السيد الرئيس محاط بسور من رجال الاستخبارات لاتسمح للطير بأن يرقرف بجناحيه على مسافة قريبة من “(نيع) السيد الرئيس.
ولكن ماذا لوحدث مثل هذا االأمر؟
هنا يبرز السلاح الكيماوي والبراميل المتفجرة، وحتمًا ستتشظى جثة الشاب الصافع، مع مدينته أو قريته.. مع قبيلته أو عائلته، وستذهب محكمة امن الدولة للادعاء بأن المؤامرة كونية هي من خططت لصفع السيد الرئيس.
ـ مؤامرة كونية؟
أي نعم، فـ “نيع” السيد الرئيس يستلزم مؤامرة كونية لصفعه وليس مجرد رغبة ولد عابث أو غاضب أو محتج، والمؤامرة الكونية تستلزم ردًا كيماويًا، أقله كيماويًا، وإلاّ ما الدافع لابتكارات الغازات القاتلة عداك عن البراميل المتفجرة.
أية غيرة أصابت الشباب العرب من الشاب الفرنسي؟
ـ أيها الشباب:
افهموها ممنوع صفع السيد الرئيس.
ممنوع خيال التبول عليه.