في الوقت الذي تحاول فيه قوات النظام التقدم باتجاه ريف إدلب، عقب سيطرتها على قرى وبلدات في الريف الشمالي لمحافظة حماه وريف إدلب الجنوبي وصولاً إلى أطراف مدينة خان شيخون جنوب إدلب، للسيطرة عليها على الرغم من الخسائر الكبيرة التي مُني بها حتى اللحظة، يستمر الطيران الحربي والمروحي الروسي والسوري باستهداف القرى والبلدات بشتى أنواع الأسلحة مخلفأ مئات القتلى والجرحى، فضلاً عن تشريد مئات الآلاف من سكان المناطق.
الحملة العسكرية على ريفي حماه وإدلب، كانت قد بدأت منذ شباط الماضي، حيث شن خلالها الطيران الحربي السوري والروسي آلاف الغارات الجوية، ناهيك عن القذائف المدفعية والصاروخية، التي قال ناشطون بأنها كفيلة بتدمير ربما دولة بأكملها.
فريق منسقي استجابة سوريا المهتم بتوثيق أعداد الضحايا والنازحين، ومساعدة المشردين والهاربين من قصف قوات النظام وروسيا، قال ” بعد أن خرقت قوات النظام السوري وروسيا وقف إطلاق النار الذي تم إقراره في العاصمة الكازاخية، كثفت تلك القوات العسكرية استهدافها للمنطقة، مخلفة العديد من الضحايا والإصابات في صفوف المدنيين، وموجات نزوح ضخمة من المنطقة منزوعة السلاح ودمار كبير في البنى التحتية والأحياء السكنية في القرى والبلدات التي تتعرض للقصف العشوائي.
ووثق الفريق خلال العملية العسكرية في إحصائية صادرة عنه الاثنين، عدد النقاط المستهدفة والضحايا والنازحين، وذلك منذ خرق الهدنة قبل أيام، حيث بلغت عدد القرى والبلدات المستهدفة أرضياً – قذائف ومدفعية – 44 نقطة، حيث تم استهداف 19 نقطة في محافظة ادلب، و14 نقطة في محافظة حماه، في حين بلغت في محافظة حلب 5 نقاط، و6 نقاط في اللاذقية، والمقصود بالنقطة – مدينة بلدة او قرية – وليس المقصود عدد القذائف، حيث تعرضت كل قرية وبلدة لمئات القذائف وقد تصل للآلاف.
أما عدد النقاط المستهدفة بالطيران الحربي الروسي والسوري فقد بلغت أكثر من 49 نقطة، حيث سجلت محافظة ادلب 22 نقطة، ومحافظة حماة 13 نقطة، فيما بلغت في محافظة اللاذقية 11 نقطة، مقابل 3 نقاط في ريف حلب .
فريق التوثيق أوضح في إحصائيته، أن عدد الضحايا منذ خرق الاتفاق وصل إلى 85 قتيل بينهم 24 طفل، سجلت محافظة ادلب 78 بينهم 24 طفل، وريف حماه 7 مدنيين.
أما فيما يتعلق بعملية إحصاء النازحين من المنطقة، فقد بلغت بشكل إجمالي في الفترة بين 2 شباط – حتى 19 آب الحالي – أكثر من 133.912 ألف عائلة، حوالي 869.992 ألف مدني، موزعة على مرحلتين، حيث كانت المرحلة الاولى من تاريخ 2 شباط – حتى الأول من آب/ أغسطس الحالي، بحوالي 112.123 ألف عائلة، و 729.799 شخص، فيما كانت المرحلة الثانية من 11 آب وحتى 19 آب “اليوم”، و بلغت 21.789 عائلة بمعدل 141.193 ألف شخص.
مع استمرار عمليات الإحصاء وتتبع النازحين في المنطقة على الرغم من الصعوبات الميدانية الكبيرة، مع توقعات بوصول العدد إلى أكثر من مليون نازح بالتزامن مع استمرار الحملة العسكرية.
وأتبع الفريق الإحصائية ببيان له جاء فيه، يتابع فريق منسقواستجابة سوريا تطورات الأحداث المؤسفة الجارية في شمال غرب سوريا بشكل عام، والمنطقة منزوعة السلاح بشكل خاص، في أعقاب الأعمال العدائية والإرهابية لروسيا وقوات النظام وميلشياتها عل المنطقة، وقصفها العشوائي على الأحياء السكنية للسكان المدنيين، واستهداف عشرات المنشآت والبنى التحتية في المنطقة، وسقوط مئات الضحايا من المدنيين ونزوح مئات الآلاف باتجاه المناطق الأكثر أمناً.
وأردف الفريق في بيانه قائلاً، وإزاء ذلك يؤكد الفريق على إدانة واستنكار هذا العدوان الإرهابي لقوات النظام وروسيا على محافظة ادلب، في استهتار واضح بكل مساعي احلال السلام ورغبة لدى الميليشيات في صناعة مأساة جديدة، وطالب الفريق المنظمات الحقوقية المحلية والدولية ومكاتب الوكالات التابعة لأمم المتحدة بإدانة هذا التصعيد العسكري الذي تقوم به روسيا والنظام، باعتباره انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والقانون الدولي.
كما وشدد على مطالبة المنظمات المحلية بالتحرك العاجل لانقاذ السكان المحليين ووتوفيرالاحتياجات الإنسانية اللازمة، بما في ذلك امدادت الغذاء والدواء وتوفير أماكن إيواء للنازحين، ومساعدة المدنيين على إيجاد ممرات آمنة للتنقل من المناطق المستهدفة.
إلى ذلك ناشد الفريق، مجلس الأمن الدولي بعقد جلسة طارئة لمناقشة الأوضاع الحالية، والعمل على ايجاد آلية فورية لوقف العمليات الارهابية التي تقوم بها روسيا والنظام بحق المدنيين، محذرة من خطورة التقاعس من دعم المدنيين في ادلب، لما سيكون لذلك من تبعات كارثية على مستوى العمل الانساني في المنطقة .
من جهته قال الناشط الإعلامي “محمد العبد لـ مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا، أن الحملة العسكرية بدأت على قرى وبلدات إدلب بتاريخ 7 شباط الماضي، استخدمت فيها روسيا إلى جانب النظام أحدث أنواع الأسلحة، بما فيها الطائرات والصواريخ المتطورة القادرة على تدمير حي بالكامل، بدءاً من الصواريخ الفراغية والإرتجاجية، وصولاً إلى قنابل النابالم الحارق والإنشطارية والعنقودية، التي من المفترض أن تكون محرمة دولية، إلا أنه في سورية باتت مستباحة، ومشروعة لتجربة أي سلاح على المدنيين والأطفال.
الناشط الإعلامي الذي غادر مدينته خان شيخون قبل يومين باتجاه الشمال، عقب تقدم قوات النظام وسيطرتها على مشارف المدينة، أوضح بأنه ومنذ أن بدأت الحملة، كان هناك استهداف كبير جدا لكل قرى ادلب وحماه لكن الحصة الكبرى كانت من نصيب ريف ادلب الجنوبي وحماه الشمالي، حيث اضطر آلاف السكان لترك مدنهم، لاسيما القرى والبلدات المحيطة بالأوتستراد الدولي حلب – دمشق.
وأردف الناشط السلوم، أن الحملة تسببت بنزوح 100 ألف شخص من مدينة خان شيخون وحدها، ومقتل 113 مدني بالاضافة لجرح المئات، مضيفاً، أن العدد من الممكن أن يكون قليل بالمقارنة مع حجم الحملة، لكن السبب يعود إلى أن المنطقة كانت خاوية على عروشها تقريباً منذ الشهر الأول للقصف، ولم يبقى فيها سوى المئات ممن يملكون مزراع على أطرافها، أو من لم يستطيع النزوح وغالبا يكون السبب مادي.
من جانبه، قال الناشط الإغاثي ” محمد أبو علي، العامل في منظمة انسانية تهتم بتقديم المساعدات للنازحين في الشمال السوري، لـ مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا، الحملة العسكرية خلفت مئات الآلاف من النازحين الذين وصلوا إلى مخيمات اللجوء على الحدود السورية التركية، فضلاً عن الذين توجهوا إلى مناطق مختلفة من المحافظة، إما إلى قربائهم ومعارفهم أو إلى المدارس أو أي مكان حتى لو لم يكن يصلح للسكن، المهم أن ينجوا بأرواحهم من القصف المكثف، هذا بالإضافة للأعداد التي مازالت متوقفة على الاتسترادات والطرقات العامة لاتعرف أين تتجه.
يتابع الناشط الإغاثي، مع وجود عشرات المنظمات والجمعيات المحلية في الشمال السوري، إلا أنها غير قادرة على تغطية جزء قليل جداً في ظل هذا التدفق الهائل من النازحين، مضيفاً، أنا أعمل في المجال الإنساني منذ 7 أعوام لكن بصراحة لم أشاهد مثل هذه الحملة من النزوح، التي تحتاج لدعم ومنظمات دولية، مشيراً إلى ضعف امكانية المنظمات المحلية في تغطية هذه الأعداد الكبيرة.
وعن أوضاع النازحين، أوضح الناشط أبوعلي، أن الوضع كارثي بكل ماتعنيه الكلمة من معنى، آلاف العائلات لاتملك مأوى، يفترشون الأراضي الزراعية ويلتحفون السماء، هي عبارة عن قطع قماش يقومون بوضعها حول أشجار الزيتون لتسترهم فقط ، فضلاُ عن حاجتهم الملحة للمساعدات الغذائية والطبية وغيرها، كون أغلبهم نزح دون أن يحضروا معهم أي شيء، بعد أن تركوا كل مايملكونه خلفهم ناجيين بأرواحهم.
وختم الناشط الإغاثي كلامه بمناشدة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية بهذا الشأن التدخل العاجل والسريع لمساعدة هؤلاء الذين هم بأمس الحاجة لها وفقاً لتعبيره.
فيما اكتفى باسل المحمد وهو نازح هرب مع عائلته زوجته وثلاثة أطفال – من ريف إدلب الجنوبي قبل أيام، بالقول لمرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا، ” ماب قدر قلك شي غير انو الوضع فعلاً كتير سيء وكتير مأساوي، وين بدنا نروح ماعمنعرف، مارح ناشد حدا ولا رح طالب شي من حدا لأنو كلن كدابين وشايفين وعارفين شو عبيصير فينا وبدعم منن، من مجلس الأمن للأمم المتحدة للعرب لكل دول العالم وفي مقدمتن تركيا”.
مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي