أن يختار الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، منزل السيدة فيروز كأول محطة في زيارته إلى لبنان، فلهذا معنى أعمق من مجرد الزيارة.. إنه إعلان صريح أنه جاء لزيارة “المجتمع” وليس السلطة السياسية اللبنانية التي سبق وأكد على فسادها، وبذلك فهو يؤكد ما سبق وأن أكده، دون نسيان أن للسيدة فيروز مالها في الوجدان العام اللبناني والأممي.
هي صفعة للمنظومة السياسية اللبنانية، وهي في ذات الوقت تأكيدًا فرنسيًا على أن لبنان علامة في تاريخ فرنسا، وبأنها الحديقة الخلفية للفرنسيين على “المتوسط” وأن لبنان هو مرفأفهم الذي دمّر، وبالنتيجة ستطرح هذه الزيارة الكثير من التساؤلات.
أول هذه التساؤلات، إلى أن سيذهب الفرنسيون في دعم لبنان وإخراجه من مأزقه؟
وكانت اجابة وزير الخارجية الفرنسية صريحة، وقد سبقت الزيارة، فالرجل قالها :”لن نوقع شيكًا على بياض”، وكان ورئيسه قد ربطا المساعدات الفرنسية بالاصلاحات الجوهرية في بنية السلطة اللبنانية، ما يعني أن لا مساعدات إذا ما أصلح اللبنانيون حالهم.
وبالنتيجة، كيف سيصلح اللبنانيون حالهم؟
ـ بتمكينهم من انتاج حكومة وطنية خارج الأحزاب ومظلاتها، ومظلة حزب الله هي المظلة الأكثر ثقلاً على اللبنانين.
ـ بفتح بوابة المحاسبة، وبالتالي استعادة القضاء لدوره وقيمته وقيمه في الطريق الى استرداد المال المنهوب ومحاسبة الفاسدين.
ـ في برلمان يمثل الناس بديلاً عن برلمان امراء الطوائف.
ـ في توقيف ماكينة الحرب على حدود لبنان الجنوبية التي تعني حرق الجمل بما حمل.
ـ في الانفتاح على قيم الحرية وقيم الغرب، وتحديدًا القيم الفرنسية.
وكلها استحقاقات تعني (الانقلاب) على اللحظة اللبنانية الراهنة، وهذا أمر يتطلب قوّة االساحر لاقوّة السياسي، وقوّة القدر لاقوّة ارادة الناس، فالصيغة اللبنانية الراهنة تجذرت في (الدولة العميقة) التي تعني توأمة المال مع الفساد، فإن امتدت اليد الى السلاح فسيحميه المال الفاسد، وإن امتدت اليد الى المال الفاسد فسيحميه السلاح، ما يجعل مهمة الرئيس الفرنسي مهمة مسبوقة بالفشل قبل أن تحدث، وسيكون عليه العودة بخفيه هو لابخفي حنينين، ولهذا جاءت رسالته الواضحة:
ـ االزيارة لفيروز وليس لكم.
ـ لزيارة للمجتمع وليس لأمراء البلد وزعاماتها.
رسالة وكأنها تقول للبنانين:
ـ انزلوا الى الشارع، لاوسيلة أمامكم سوى استمرار الثورة.
الطريق الى الانقاذ عبر شرعية الشارع لامشروع الفساد.