نبيل الملحم
الأكثر قلقاً لابد ويكون “حزب الله”.. هو الأمر كذلك، وهذا إعلامه ومفوضيه يشتغلون على :
ـ التشكيك بانتفاضات السويداء.
ومن ثم ستكون المرحلة اللاحقة، وهي المرحلة التي تستدعي سلاح حزب الله لإطفاء جذوة الانتفاضة، مع ما يستتبعه ذلك من مغامرات اعتاد حزب الله على خوضها.
الأخبار الواردة من السويداء تفيد بالحذر الهائل الذي يحيط بمحتجي السويداء، أما الحذر فمبني على المزيد من المعلومات التي لاحظت التحرك على محورين:
ـ المحور الأول وهو الاستعدادات العسكرية لحزب الله لدخول السويداء بتفويض ممن تحميه ونعني بشار الأسد، وهو (مُتَزع التفويض).
ـ المحور الثاني إطلاق فصائل إرهابية ربما تحمل اسم “داعش” فإن اختارت خيار كهذا، فلن يكون خيارها خاطئاً فالعلاقة ما بين طهران، وبالتالي حزب الله مع داعش والفصائل الإسلامية الراديكالية، هي تماماً كالعلاقة ما بين الظفر واللحم، وليست طهران بعيدة عنا لنعرف أنها الملاذ الآمن للقاعدة ومنوعاتها، وبالنتيجة فللولي الفقية الكثير من الولاية على هذه الفصائل إن لم يكن “الولاء الكامل”.
ليس أما النظام سوى واحد من الاحتمالين السابقين، فانتفاضة السويداء اليوم، قد جددت الثورة في سوريا، مستفيدة من مجمل الأخطاء والخطايا التي مارستها معارضات الأمس، وهي أخطاء يمكن اجمالها بـ :
ـ الخطاب الديني الذي يفرّق أكثر مما يجمع، وهنا تجاوزت السويداء هذا الخطاب وصولا ً إلى أن يكون خطاب “شيخ عقل الطائفة” خطاباً يدعو إلى العلمانية، وتلك شجاعة من الصعب على رجل دين أن يطرق بابها، ذلك أن العلمانية تعني في بعض مفرداتها “فصل الدين عن الدولة”، ما يعني انتزاع مغانم احتراف الدين، وكان الشيخ “حكمت الهجري” بدعوته “العلمانية” قد تحوّل من رجل لطائفة، إلى رجل لكل الوطن، بما يضعه بمصاف الزعامات النزيهة لحركات التحرر الوطني من مثل عمر المختار أو نيسلون ما نيديلا.
ـ عسكرة الثورة، بما يعني منازلة النظام على أرضه وبشروطه، وتجاوزت السويداء هذه المعضلة بامتلاكها لـ “الخطاب السلمي”، الذي لايخلو من التلويح بالقوّة، وهذا ما يقلق نظاماً من طراز هذا النظام ، والذي يدرك بغريزة التدمير أن السلمية أبعد خطراً عليه من “الكاتيوشا”.
واليوم، استرسلت حركة صبايا وشباب السويداء ومازالت الساحات تحت قبضتهم ولابد أن قبضاتهم لن تسترخي أو تتعب، فما هي خيارات النظام؟
حتماً ستكون الخيارات شاقة، فليس بوسعه سوى واحد من طريقين:
ـ إما اللجوء إلى السلاح بما يعني الدبابة والطائرة المحمّلة بالبراميل المتفجرة، وهذا خيار سيكون “اللعنة” بالنسبة للنظام، فالجنوب هو “عقب آخيل” بالنسبة لسوريا، وبطبيعة الحال، واحتراماً للتاريخ، فبشار الأسد ليس آخيل الأسطوري، فالرجل نبت من النكتة واسترسل بالنكتة، و… بات نكتة، لكن الجنوب يعني فيها يعنيه أبعد من أن يكون لقمة سائغة وقد انتزع منه (وأعني النظام) كل مبررات القتل التي سبق وأغرقت مدن سوريّة أخرى، فهناك (وفق خطابه) إرهاب إسلامي (بل وسنّي بالتعبير الأدق / وهذا خطابه)، أما هنا السويداء.. فهذا “شيخ عقل الطائفة” ومرجعيتها الأولى و … “عقلها” يقول بالفم الملآن:
ـ نريد دولة علمانية.
فما المتبقي من أسلحة بيد النظام؟
واحد من سلاحين:
ـ الحماقة، وقد يرتكبها، ومن المدهش أنه لم يرتكبها حتى اللحظة، وقد يعود ذلك إلى العقل الخميني الذي يرى أبعد من قصور بشار الأسد وعجزه عن الرؤيا.
ـ عزل السويداء وقطع طريقها إلى العاصمة في لعبة عنوانها “الخنق بالجغرافيا”، وهذا احتمال غير مستبعد، غير أنه إذا ما حدث فلهذا معنى واحد وهو أن الإيراني بالشراكة مع وكيله يشتغلون على التقسيم، وهذا خيار لن يكون متاحاً، فالسويداء قالت كلمتها:
ـ واحد واحد واحد الشعب السوري واحد.
يعني لن يفوز برهانه هذا، فهو ونظامه خارج الجنوب، أما الجنوب فهو في قلب سوريا.
ما المتبقي للسيد الرئيس وصاحبه حزب الله.
يتبقى الاشتغال على الاغتيالات.
قد يكون هذا كل ما تبقّى من “الخالد ابن الخالد”، ولا جدّ له للنسب الخلود إلى جدّه.