هو سؤال يمكن التأسيس عليه، أقله في مناخ الأحاديث المتصلة بـ “تصالح تركي سوري”، وهو حديث كلما ارتفعت حدّته عاد إلى الانطفاء، ومع تأججه وانطفائه تتعالى أصوات سورية معارضة على ألسنة معارضات سوريّة بعضها يعيش في تركيا ويرعى بحصادها.
عمليًا يجب الإقرار بأن الرئيس التركي هو شخصية براغماتية تشتغل على المصالح لا المبادئ، فإذا كان لدى الأسد مايمنحه لأردوغان فمن السهل على الرئيس التركي زيارة دمشق ورفع قبضة الأسد في الهواء وسط تصفيق حمايات كل من الرئيسين المصحوبين كل بفريقه الدبلوماسي، وإذا كانت الإجابة بـ لا، فلن يحدث هذا التلاقي.
السؤال المستولد من السؤال الاول يتعلق بما تطلبه تركيا من الأسد، وهي المسيطرة على الجزء الأوسع من سوريا، فلها ادلب وجزء من حلب وشريط حدودي ممتد، ولها ما على هذه الأراضي من سكان يفضلون التبعية لتركيا على العودة إلى سلطة لأسد وهيمنته، فالاحتلال التركي لهذه الأراضي هو أمر واقع وطالما يتحول الأمر الواقع إلى صيغة ثابتة تعني مستقبلاً تبعية السكان والأرض للمركز التركي..
هذا أولاً، وإذا كان للرئيس التركي تطلعًا مستقبليًا نحو الاستثمار في إعاد الإعمار في سوريا، فمرحلة إعادة الإعمار لن تأتي بين ليلة وضحاها، وغالبًا لن تأتي والأسد في سدة الحكم، فما دام الأسد حاكمًا فلا إعادة إعمار ولا من دولة تلعب في مخاطرة كهذه.
كل ما يتبقى هو الوجع التركي من القوات الكردية، ورهان تركيا، إن كان لديها رهانًا على التعاون من أجل “شلع” هذه القوات من الخاصرة التركية بمعاونة قوات الأسد، وهذا أمر صعب المنال لجملة أسباب أولها أن القوات الكردية هي قوات مدربة ومقاتلة وممتدة في الداخل التركي عبر الاسناد الدأخلي من أكراد تركيا، وثانيها وهو الأهم أنها مازالت تحت الحماية الأمريكية، ولن يكون بمقدور الأسد أن يرسل قوات لمواجهة مع محمية أمريكية في الداخل السوري، وإذا ماحدث ذلك فسيكون وبالاً على بشار الأسد، الرجل الذي لم يعد طموحه يتجاوز مساحة قصر المهاجرين مع بعض الزواريب السورية المتفرقة.
إذن ماهي الدوافع التي تغري الرئيس التركي لهذا النوع من المصالحة؟
ليس ثمة من دافع واحد، فهو الأكثر ربحًا فيما آل اليه الحال في سوريا، وليس قيام الرئيس التركي بإعمار مستوطناات للاجئين السوريين عبر وحدات سكنية واسعة سووى الشغل على ضم هذه المناطق وتتركيها والتتريك لن يأتي سوى بالتراكم، الثقافي أولاً، والعاطفي رفقة الثقافي، ومن ثم بوضع الأقدام على الأرض وهذا ما يشتغل عليه الرئيس التركي، أما المصاالحة فهي بعيدة، بل وبعيدة جدًا، وكل ما نسمعه من تصريحات إعلامية لايعدو “بوالين” اختبار لاتمثل رافعات باتجاه هكذا تصالح.
أردوغان البراغماتي، يعرف مصالحه جيددًا.
ليس ثمة من يقول أن من مصلحة مبصر كما أردوغان أن يسوق أعمى كما بشار الأسد.