مرصد مينا
سطت على الأراضي، واستولت على المزارات، وحوّلت الجيش إلى ثكنة من ثكنات “الحرس الثوري”، وبالطريق حوّلت البلاد بالشراكة مع ماهر الأسد إلى “دولة كبتاغون”، والمتبقي اليوم هو وضع اليد على المؤسسات القضائية السورية المعطّلة بالإفساد، فيما قوانينها إن لم تكن صالحة فهي قابلة للإصلاح، ومن آخر تجليات الاحتلال الإيراني لسوريا الدخول في “إصلاح القوانين والقضاء”.
ـ لنتخيّل مدى الإصلاح الذي سيترتب على القوانين والقضاء السوريين إذا تمّ تعهدهما من قبل “فقهاء الظل الإيرانيين”، تبعاً لم انتشر أخيراً من أخبار تفيد باستعانة النظام السوري بالفقهاء الإيرانيين لإصلاح أو تطوير النظام القضائي السوري وقوانينه.
ـ وأية قوانين؟
تلك المستمدة من القضاء الفرنسي، والقوانين الفرنسية، والتي استمدت بدورها من ثورة هي أبرز ثورات الإنسان في التاريخ.. لنتصور أن “فقيه الملالي” سيشتغل على قوانين “دانتون وروبسبير”، أي كارثة ستحل بالبلاد.
أمر كهذا يستلزم العودة إلى القوانين الإيرانية، وهذا بعض مما آلت اليه:
تمت الإطاحة في عام 1979 بسلالة البهلوية العلمانية واستبدلت بجمهورية إسلامية وعلى هذا فقد استبدلت الفقهاء ذوي التوجه العلمانيً بآخرين متخرجين من المعاهد الدينية وقننت المزيد من أحكام الشريعة ضمن قوانين الدولة – وخاصة قانون القصاص، وعُزلت القاضيات من العمل على الرغم من إمكانية عملهن كمحاميات، أو كقاضيات ثانويات في القضايا المدنية وذلك بعد 1997.
بين عامي 1979 و 1982، استبدل قضاة ما قبل الثورة بأكملهم، وتحولت مهامهم بإشراف “المحاكم الثورية” التي أقيمت في كل مدينة. حكمت هذه المحاكم وفق “الشريعة الإسلامية”، لكنها كانت في الممارسة غير عادلة ومنحازة، وكان القضاة يفتقرون إلى الخبرة كما لابسط ملامح النزاهة فأُعدم العديد من الأشخاص أو حُكم عليهم بعقوبات قاسية بسبب أعمالهم السياسية وجرائم الرأي. لم يكن هناك استئناف أيضًا، وغالبًا ما كانت المحاكمات تستغرق دقائق خلال محاكمة تقليدية.
أعاد تشكيل المحاكم النظامية في عام 1982 فامتدت صلاحياتها وتمادت وتمادت لتتحول المحاكم الثورية جزءًا من هذا النظام الى السمة الغالبة للقضاء الإيراني ، فأشرفت على مسائل «الأمن القومي» مثل الاتجار بالمخدرات والجرائم السياسية و «تهديد مبادئ الثورة»، واعتبرت «الذراع الأيمن للنظام». رداً على تهديدات الانقلاب العسكري شُكلت «محكمة عسكرية ثورية» منفصلة، تشرف على القضايا العسكرية وذلك في عام 1982 حل قانون القصاص لعام 1982 محل أقسام من قانون العقوبات العامة لعام1924
وهكذا بات القضاء الإيراني هو قضاء واحد برأسين:
ـ المحاكم الميدانية، وهي المحاكم التي تعلو على القوانين أيّة قوانين.
ومحاكم القصاص المستمدة من الشريعة الإسلامية، بل وحصراً من الفقه الشيعي، وبالنتيجة فقه “الولي الفقيه” الذي حل محل الله.
سوريا السنهوري، ومحمد الفاضل، وإبراهيم بيطار وثاني كلية حقوق في التاريخ العربي تسلّم قضائها للقدر الإيراني.
ـ أيّة كوارث سيضيفها النظام لنصف عقد من الكوارث وقد نكّلت بالسوريين؟