ما بعد الخميني.. ماحال الشطيان الأكبر؟

ما قبل “آية الله الخميني” كان شاه إيران يدعى بـ “شرطي الولايات المتحدة في المنطقة”، أما الشاه إياه فلم يكن يعني للمنطقة “بعبعاً”، فلم يهدد ممالكها، ولم يجتح مدنها، وبماكان حال الرجل سوى أن اكتفى بإمبراطوريته التي لم تزد في تطلعاتها عن تدليل الشهبان فرح بهلوي وإن بعروض أزياء سخية وعلى حساب الإيرانيين دون المساس بثروات جيرانهم.

لم تكن المملكة العربية السعودية بحاجة للهاجس النووي، ولم تكن مجموع الممالك والإمارات العربية تقلق على مصيرها وحدودها، أما عن سوريا فكانت في حضن السوفييت وعلى علاّتهم كان السوفييت يوردون للسوريين السلاح والفودكا، كما المنح الطلابية إلى جامعاتهم، فيما كان لبنان وحتى لحظة ما قبل الخمينية جزيرة للمدنية ومهرجانات بعلبك، فيما كانت علاقات هذا المحيط كل المحيط مع الولايات المتحدة إن لم تكن نديّة او تابعة فلم تكن مبتلَعة.

هو الأمر كذلك والدليل أنه في حرب ١٩٧٣ استطاع الملك فيصل أن يقطع نفط بلاده عن الولايات المتحدة وأن “يُهدّد”.

كل ذلك ما قبل ثورة الخميني وشعارها “الموت لأمريكا”، فما الذي أعقب اليوم التالي ونعني يوم انتصر الخميني على الشاهنشاهية؟

امتدت يده إلى العراق، فبشّر بـ “التشيّع” وبتصدير الثورة، ومعهما هدد العراق وصولاً لحرب استنزفت مواردها، ومن بعدها ونعني انتصار ثورته، امتدت يده إلى سوريا فحوّلها من “العروبة”، و “مين لبّاك” إلى “الفرسنة” اقله في تحالف الأسد الأب / الخميني وقد اصطف إلى جانب الفرس بمواجهة العرب، ومع حرب العراق / إيران بات كل من في المنطقة مهدد من الإيراني حتى باتت دول المنطقة، وتحديداً دول الثروة، هي الأحوج لا للتحالف مع الامريكان، بل لتطويب أراضيها للقواعد الامريكية تخوّفاً من الغول الإيراني، ومعه “ونعني الخوف”، كان السباق على التسلّح، والسلاح اليوم وغداً وربما إلى ما بعد بعد الغد، لن يكون ذو قيمة إن لم يكن امريكياً، فالبندقية التشيكية تطلق على حاملها، والسلاح الروسي لن يشكل ضمانة لدول الثروة في المنطقة، فإن وضعت هذه الدول مصائرها في اليد الروسية هرباً من التطلعات الفارسية، فكمن هرب من الدب إلى الثعبان، وهكذا باتت امريكا المسماة في الخطاب الخميني “الشيطان الاكبر” باتت المخلّص الاكبر من تطلعات و “فتوحات” الخمينية التي لم تأت يوماً سوى بالخراب، فتحوّل شعار “الشيطان الاكبر” إلى أكبر خادم للمصالح الامريكية في المنطقة بما يعني أن:

ـ ثورة الخميني اشتغلت لحساب الولايات المتحدة وليس على حسابها.    

طموحات الولي الفقيه، هو ما سمح للولايات المتحدة بأن تتمدد أكثر، كما أن طموحاته دفعت الكثيرين للارتماء في حضنها، أما شعار الطريق إلى القدس وقد اختاره الخميني، فلم إلاّ الطريق إلى عواصم عربية، لا لاحتلالها فحسب بل لإعادتها إلى ما قبل زمن الكهف، فهذه دمشق، اقدم عواصم التاريخ، واكثر عواصم الشرق تمدناً قد غدت على أيدي الخمينية كهفاً، والخروج منه شبه استحالة فيما محاولة الخروج كمن يضرب رأسه بالصخرة.

ـ ما من وظيفة امريكانية تساوي وظيفة الخميني وثورته..

كل وظائف حكّام المنطقة كانت قابلة لتكون مؤقتة، سواها وظيفة دائمة.

Exit mobile version