ما بعد حرب لبنان

زاوية مينا

يكفي هذه الحرب أن تُطلِق السؤال:
ـ ما الذي جلبته الخمينية إلى مناطق نفوذها؟ ماهي الآلام والهزائم اتي تسببت بها لمناطق نفوذ أقدام الملالي وحرسها الثوري؟
نقول الملالي ولا نقول إيران، فإيران البلد الواسع متعدد الديانات والقوميات، وقد نُكّل به الملالي قمعاً، وتخويفاً، ومن ثم انتزاعه من الزمن عودة به إلى زمن الكهوف.
سيبقى السؤال قائماً، وربما سيكون لبنان هو المساحة الأكثر خراباً بفضل أيادي آيات الله، ومن بعده هاهو اليمن، وفيه وفي غضون بضع سنوات زرع فيه الحوثي ليتحول الحوثي من ميليشيا إلى جيش مسلح مزود بالسلاح الإيراني، بما في ذلك الصواريخ بعيدة المدى والمُسيرات. ومقابل المساعدة التي تلقوها، تجند الحوثيون لمساعدة إيران في صراعها ضد دول الخليج، خصوصاً السعودية والإمارات. وهكذا بدأوا يمطرون، بتكليف من إيران، رشقات صواريخ على منشآت نفط وبنى تحتية، بل وعلى المدن الرئيسة في السعودية والإمارات.
يحدث ذلك دون النظر إلى ما سياتي من خراب على اليمن، بل وعلى الحوثيين أنفسهم الذين لن يكونوا بمنأى عن الجحيم، فيما اختبار الجحيم قد طال حزب الله في لبنان، ليتحوّل من حزب ممتلئ بالوعود والخطابات، إلى مجرد بشر في قفص مقطوعي الاذرع والإرادة بعد ماجروه من ويلات على حاضنتهم الشعبية وعلى لبنان كل لبنان، وقد تحكموا بمصير بلد حوّلوه ودون رفة جفن، من درّة المتوسط إلى خرابة ثمة فيها من يكافح من أجل تجاوز الخراب.
مع الحوثيين ورداً على خرابهم وقد اتسعت مطامحهم لتخريب الخليج، خرجت السعودية والإمارات ضدهم في العام 2015 إلى حرب، لم تنجح بسبب قيود قوة جيشي هاتين الدولتين، ولأن واشنطن فضلت – مثلما في حالة حزب الله وحماس- حلولاً دبلوماسية على الحسم العسكري.

حرب “السيوف الحديدية” العنوان الاثير للحوثيين وفر لهم فرصة أخرى ليثبتوا للإيرانيين قيمتهم وأهميتهم وربما كي ينالوا منهم أيضاً دعماً بالمال وبالسلاح المتقدم. هذا ليس لأن غزة تعنيهم، بل قرروا ألا يتخلوا عن مثل هذه الفرصة، فضلاً عن أنهم أخطأوا في التفكير بأن إسرائيل سيصعب عليها الرد.
لقد ساعد الحوثيون لسد طريق الملاحة في مضائق باب المندب التي تشكل بوابة الدخول إلى البحر الأحمر، وألحقوا أضراراً جسيمة بالاقتصاد العالمي. إلى جانب ذلك، بدأوا يهاجمون إسرائيل بالصواريخ والمُسيرات، ولكن يد إسرائيل وصلت إلى اليمن أيضاً، وانتزعت من الحوثيين ثمناً باهظاً.
حال العراق ليس أفضل حالاً، فما أن تخلّص العراق من سطوة صدّام حسين، حتى ملاً الخمينيون فراغ العراق بسطوتهم على العراق كامل العراق، ما حوّل عراق النهرين إلى بلد عطشى، وبلد النفط إلى بلد متسوّل، وبلد الدولة العميقة إلى بلد الزواريب والميليشيات، وحين يحين الكلام عن سوريا فهذه دمشق قد تحوّلت من أقدم عاصمة في التاريخ إلى أزقة المزارات واللطمات، تتسول اللقمة ليحكمها قاصر مجمل مهمته حراسة “حراس الله”.
اليوم وقد انتقلت الحرب من غزة إلى لبنان، لابد أن العالم، بل مُجمل دوله الأكثر نفوذا، قد أوكل لإسرائيل مهمة اجتثاث أذرع الاخطبوط الإيراني، وكل المؤشرات تفيد بنجاح إسرائيل ما يعني رفع أسوار مملكة إسرائيل وعلى حساب العرب الذين أخرجوا من التاريخ.
تلك طهران الملالي .
أولئك من قدّموا لإسرائيل ما لم يحلم به آباء إسرائيل المؤسسون.

Exit mobile version