ما بعد فصيلة دماء هتلر

هل بوسعنا القول:

ـ انتهت المساكنة الروسية الإسرائيلية؟

بالوسع قول ذلك، فالعلاقة مابين الدولتين لم تكن يومًا علاقة زواج، كما لم يحدث الطلاق بينها، فالعلاقة أشبه بالمساكنة التي لايتطلب الانفكاك منها سوى:

ـ خذا الباب وراءك.

 ومن يأخذ بالباب، ربما وزير الخارجية الروسي، وكان الرجل قد اعتبر أن “دماء هتلر يهودية”، وهذا يعني الكثير بالنسبة للإسرائيليين وقد ارتبط الوعد الإلهي بالأفران النازية، ومن بعد تصريح الوزير الروسي، تدفقت الأخبار عن حجم الفجوة وصولاً لاتهام مرتوقة إسرائيليين بالقتال إلى جانب القوات الأوكرانية، وهو أمر وارد وممكن، فالإسرائيليون الذين اختاروا المساكنة مع الروس، كانوا قد عقدوا زواجًا كاثوليكيًا مع الأمريكان حتى باتت  العلاقة مابينهما علاقة البرتقالة بسرتها، مايعني أن الجبهات الأمريكية لن تكون سوى جبهات إسرائيلية ينخرط فيها الإسرائيليون إن ليس بالجيوش فبالإعلام، دون نسيان النشاط الاستخباري الذي يعني الكثير في حروب العصر، كما يعني الكثير في حروب الهراوة والمقلاع.

عمليًا انتهت الهدنة الهشّة بين موسكو وتل أبيب، ويغلّب اتجاه وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، الذي يحاول الاقتراب ببطء من المواقف الغربية، على توجّه رئيس الوزراء نفتالي بينيت، الذي طرح نفسه، في بداية الاجتياح الروسي لأوكرانيا، كوسيط، وعرض خدمات بلاده لتحقيق تسوية بين كييف وموسكو.

وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، رأى أن تصريحات نظيره الروسي تظهر “معاداة السامية المتجذرة لدى النخب الروسيّة”، وأن “روسيا اليوم مليئة بالكراهية تجاه الدول الأخرى”.

رغم العنف اللفظي الكبير الذي يمثله الاشتباك الروسي – الإسرائيلي، فالواضح أن كلا الطرفين يعتمدان على مفاهيم وأيديولوجيات عنصرية تبرر الاحتلال والاستيطان والقمع فكليهما ينطلقان من “العرق” و “الدم”، وهو المنطق الذي لم يمهد سوى لهدر الدم، ولكن السؤال الذي سيحضر أعقاب هذا الاشتباك:

ـ ما مستقبل الطيران الإسرائيلي الذي لايكف عن التحليق في سماء دمشق مستهدفًا قوات النظام، وفق صمت وتفاهم ضمني روسي إسرائيلي، و “تنديد سوري” أجوف لم يتعد في ذروته التوعد بـ “الاحتفاظ بحق الرد” وهو الحق الذي لم يمارس يومًا؟

وهل ستشتبك القوات الروسية مع القوات الإسرئيلية لتكون دمشق ساحة جديدة لمعركة بين خصمين ضاقت بهما أوكرانيا فانتقلا إلى سماء سوريا؟

ثمة الكثير من التوقعات ومن بينها هذا الاحتمال، فأن تضرب روسيا في سوريا، فهذا أمر ممكن، ولكن ماليس ممكنًا أن تفتح روسيا على جبهتين وقد أعيتها جبهة أوكرانيا واستنزفتها سلاحًا وجنودًا وموارد، ما يعني أن النظام في سوريا سيكون وحده في المواجهة، وهي المواجهة التي لم يعتدها، أقله في حالة جيشه المترهل الذي اشتغل على حروب الأزقة ولم يتدرب على حروب الجبهات، ليضاف إلى ترهل جيشه وترهل اقتصاده، وانفضاض حواضنه الشعبية من حوله، هزيمة عسكرية مدوية، نافذته الوحيدة للقفز منها هي “حزب الله”، الذي لن يدخر وسعًا في فتح جنوب لبنان، لتكون الحرب الشاملة في منطقة لاينقصها المزيد من الدمار.

الحرائق تحت رماد التصاريح، وما أن يرفع الرماد حتى يكتمل احترق منطقة  باتت موطئًا للحرائق ما بين هتلريين اثنين، أحدهما يفحص دماء الآخر ليتيقن من العرق واللون.

Exit mobile version