مرصد مينا
انهكوا العراق في حرب امتدت لثماني سنوات، وورثوا من بعدها الامريكان ليحتلوا العراق ومن العراق اطلقوا عصائب اهل الحق والحشد لإسقاط الدولة وتوريث الميليشيا، واستولوا على لبنان، فتمترسوا وراء “القدس” وكان طريقهم إلى القدس يمر عبر سلسلة من الاغتيالات ليس بدءاً برفيق الحريري وجبران تويني وسمير القصير وجورج حاوي، فمن قبل هؤلاء اطلقوا رصاصهم على مهدي عامل وحسين مروة بوصفهما شيعيين لم يخضعا لسلطة الولي الفقيه باعتباره الناطق الرسمي باسم الله، ومن بعد الاغتيالات اسقطوا الجمهورية لحساب الحزب، وحوّلوا ما ألحق بلبنان في تموز 2006 إلى نصر الإلهي، وامتدت أذرعهم إلى فلسطين فانتجوا حماس مقابل الدولة الموعودة، لينتهي حُلم الدولة وتستأثر الميليشيا بقرار الحرب والسلم ما بعد طلب الإذن من الولي الفقيه، وها هم اليوم وبسلاح حماس يطلقون مسرحية بالغة الإثارة في حرب وليدة مع إسرائيل، مجمل نتائجها تُختَصَر بصرخة تلك السيدة وهي تنوح على ابنها:
ـ مات جيعان ياولدي.
خرج فقيههم أبو عبيدة ليهدد إسرائيل بـ :
ـ إعدام الرهائن.
فتحوّلت “حركة تحرر” إلى عصابة، ما جعل العالم كل العالم يناصر إسرائيل، ليصبح الاحتلال منسياً، وجرائم إسرائيل منسية، وفاشية إسرائيل منسية، فاستبدلت فاشية إسرائيل بفاشية حماس، وهاهو العالم كل العالم يناصر إسرائيل، وهو المكسب الذي لم تحلم به إسرائيل منذ “هرتزل” إلى يومنا، والهدايا تتوالى ولابد أن يذهب “حلف إيران” بالمزيد من الهدايا إلى إسرائيل، بما يسمح للإسرائيلي بأن يهتف لا “للماشيح المخلّص” بقدر ما يهتف للولي الفقيه.
هو ذا الثعبان الإيراني وقد امتد بوكره إلى اليمن ومزّق سوريا، وناصر كل الدكتاتوريات لحساب إلغاء الدولة الوطنية، وحين يجد الجدّ، لن يكون بالوسع نسيان “إيران غيت” تلك المأثرة التي جعلت إسرائيل تمد الخميني بالسلاح في مواجهة العراق.
اليوم كل الاشتغال على لبنان لزجّه في الدمار المؤكد، حتى وصل الامر بنجيب ميقاتي، وهو رئيس وزراء لبنان، أن يعترف جهاراً نهاراً، أن سطوة حزب الله ألغت سلطة الدولة، لا سلطتها على الحكومة والكهرباء والمرفأ والمطار والكازينو، بل سلطتها على قرار السلم والحرب، ليزج بلبنان بلعبة مفرقعات حسن نصر الله، اللعبة التي لم تُقدّم لفلسطين سوى النكبة وراء النكبة وهاهي نكبة “غزة” تتجاوز في نكبتها نكبة 1948 واللبنانيون منقسمون ما بين :
ـ رافض لحزب الله يُعلِن رفضه.
ـ ورافض لحزب الله يتكتم قسراً على رفضه.
ومجتمع شيعي محكوم بسطوة الرصاص والعنف والاغتيالات، ومحطّم بخيارات حزب الله وقد أودت بالضاحية في تموز 2006 ولا بد ستمزق الضاحية ولبنان مع حرب غزة.
مرة ثانية نقولها:
لو كان للإسرائيليين رب يعبدوه، لاختاروا الراحل “الخميني” إلهاً بديلاً عن “يهوه”.
ما الذي قدّمه يهوه للإسرائيليين؟
خرافة الغيب، اما الخميني والخمينية فقد منتحتهم حقيقة الأرض.