مرصد مينا
إسرائيل وراء الأسوار، والفلسطينيون في مخيماتهم كذلك داخل الأسوار، فلا الإسرائيلي خارج الثكنة ولا الفلسطيني يعيش المواطنة، والصراع الممتد على مايزيد عن ثلاثة أرباع القرن لم يتوقف، ومن الواضح أنه لن يتوقف في صيغة محصلتها “صفر” فيما ضحاياها على ازدياد، فمن لم يُصب اليوم سيصاب غداً، وهذا مخيم جنين وأحداثه تؤكد منطق الثكنة بمواجهة الثكنة، وكلا الثكنتين لم تنتج سوى:
ـ فائض الكراهية، وفائض العنصرية، ومعها إماتة الزمن، دون خطوة واحدة نحو تعايش ممكن، فيما يفرز الصراع:
ـ انظمة دكتاتورية يشتد فيها ساعد الطغيان كلما ارتفعت قاعدة “انا موجود بدلالة الصراع”.
اما عن من يأخذون من ديمومة الاشتباك دلالتهم، فهما هوية واحدة وقد انشطرت إلى حاويتين:
ـ التطرف اليهودي، وتعبيراته تتوضح في رقصة الجدار التي لاتلبث أن تحوّل المسجد الأقصى إلى مسرح للبكاء.
يقابله:
ـ التطرف الإسلامي وتعبيراته في كل من الجهاد الإسلامي وحماس، وكليهما يمتدان في المشروع الإسلامي المتقاطع مع ملالي طهران، دون نسيان امتداداتهما في كل من سوريا ولبنان، وقد عانقا حزب الله.
قوى السلام وعلى كلا الجانبين “مهروسة” الصوت والحقوق والفعل، فهذا اسحاق رابين اغتيل مع خطوته نحو السلام، وذاك ياسر عرفات رحل مسموماً، فيما منظمة التحرير الفلسطينية تشظّت حتى ورثها صبري البنا، ومن بعده اسماعيل هنيه، وبات الشارع الفلسطيني شوارع، دون ان يعثر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، سوى على مقعد للتثاؤب في جامعة الدول العربية التي لابد وعجزت عن جمع العرب المتشتتين.
“ديمومة الاشتباك” هو ذا شعار اليهود المتطرفين فـ “الماشيح المنتظر” لن ياتي إلاّ على سنابك الخيول وقد تغطّت خيوله بالدماء، وهذا “الخميني” لن يلبث ان يديم الاشتباك بانتظار “إمام الزمان”، فلا “الماشيح” يعود بلا الخراب، ولا للإمام المنتظر عودة إلى رفع سيف الحق إلاّ بعد أن تبسط رقصات الخناجر سطوتها على الأرض، وما بين “ماشي” و “إمام” الكل يعيش في “المعزل” وراء الأسوار.
قوى السلام بلا صوت ليكون لصوتها صدى، لا على الجانب الفلسطيني بامتداداته نحو طهران، ولا على الجانب الإسرائيلي و “دولة الميعاد”، وهكذا يتجدد الاشتباك لتكون نشرات الأخبار طافحة بضحايا اليوم، ومن سينتظرهم من ضحايا الأمس.
ـ هي لعبة الختاجر.
ثمة من يقدّس الخنجر، فيما زرّاع الحقول يؤكلون.