زاوية مينا
ستسمعون أخباراً جيدة.. هذا ما قاله قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي للحجاج الذين كانوا يرددون هتافات تطالب بالانتقام لاغتيال القائد الحمساوي إسماعيل هنية.
سبقه المرشد علي خامنئي ليقول :”حرب لمن حاربكم”، ومن بعدها ليعدّل على الخطاب مصححاً “لا يعني دائمًا حمل البندقية، بل تعني التفكير بنحوٍ صائب، والتحدث بنحوٍ صحيح، والاستطلاع بشكل صحيح، وإصابة الهدف بدقة”، وكلامه هذا قد يُصنّف في حقل سحب البندقية لحساب نسيان الحكاية، فيما سيذهب آخرون ومن بينهم نيويورك تايمز للقول بأن الرد لن يبدو مثل ما فعلته إيران في نيسان (ردا على اغتيال العميد محمد رضا زاهدي) ــ وإن كان لا يمكن استبعاد ذلك ــ بل سيكون أشبه بهجوم هادف”.
الجنرال كينيث ماكنزي جونيور، الرئيس السابق للقيادة المركزية للبنتاغون، التي تشرف على عمليات الشرق الأوسط كان له رأي آخر مفاده:”لقد أصيب الإيرانيون بالخوف”.
وقال ماكنزي إن إيران قد ترد بضرب هدف ناعم – هدف غير محمي بشكل كبير – مثل سفارة أو منشأة أخرى في أوروبا أو إفريقيا أو أميركا الجنوبية”.
الأهم من هذا وذاك، هو ما توقعه مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، بالقول “إيران براغماتية للغاية وبالطبع تسأل نفسها كيف أستفيد من هذا”.
ستستفيد بـ “النسيان”، ونعني نسيان الرد ليكون “كلام الليل يمحوه النهار”، أقله ما بعد نصيحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقيادة الإيرانية، فالرجل بعث برسالته ومفادها “أن تتجنب طهران اتساع الصراع في المنطقة”.
وثمة من يضيف بأن الرئيس الروسي كان قد أعلم الإيرانيين بما يعلمون، وما يعلمه الناصح ومتلقي النصيحة هو وجود اختراق واسع في الأجهزة الأمنية والعسكرية الإيرانية وإمكانية شن إسرائيل وحلفائها، ما يعني أن مواجهة إيرانية/ إسرائيلية تعني فعل ندامة سينوح الإيرانيون من بعده ويلطمون.
وهكذا حذر محللون عسكريون في المنطقة من أن استهداف ولو جزء بسيط من البنية التحتية الصناعية ومحطات الطاقة الإيرانية في مواجهة عسكرية سيتسبب في أضرار جسيمة سيستغرق تعويضها سنوات عدة.
وهذه حقيقة يعرفها المرشد علي خامنئي أيضاً، ومن الممكن معرفة حجم القلق من حدوثها في تصريحات بعض أئمة الجمعة الذين ذكروا بأن الحرب ليست في مصلحة النظام.
مجموع النصائح زائد مجموع الحسابات ستفيد ببلع الإهانة، ما يعني سحب كل الوعود التي قدمها المرشد وحرسه بالانتقام لمقتل إسماعيل هنيه، فالبحر هنا أشدّ موجاً من مقدرة السبّاح على السباحة.
كل ما تبقّى للمرشد هو:
ـ رسم السيناريوهات التي تنسي جمهوره وأنصاره وعوده.
سيناريوهات “لحس” خطاباته.
ـ من يعرف الإيرانيون والبراغماتية الإيرانية، يعرف باليقين قدرتهم الفائقة على “اللحس” إياه.