ما هي السيناريوهات المحتملة لإيران في حال سقوط نظام خامنئي؟

مرصد مينا

في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على إيران وتصاعد التوقعات بتدخل عسكري أمريكي مباشر، تزداد التكهنات حول مصير النظام الإيراني الحالي بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي، واحتمالات اليوم التالي في حال سقوطه.

تدور معظم السيناريوهات الافتراضية المطروحة حول قوى المعارضة المتعددة داخل إيران وخارجها، وسط انقسامات أيديولوجية وتنظيمية تجعل من مستقبل ما بعد النظام الحالي مشهداً معقداً ومتداخلاً. وفيما يلي أبرز خمسة سيناريوهات محتملة:

أولاً: عودة الملكية بقيادة رضا بهلوي

يُطرح نجل شاه إيران السابق، رضا بهلوي، كأحد الوجوه المعارضة البارزة في الخارج. مقيمٌ في الولايات المتحدة، ويسعى لإعادة إحياء النظام الملكي أو تأسيس نظام دستوري بديل، مستنداً إلى رصيد والده السياسي ودعم بعض اللوبيات الإيرانية في المنفى.

بعد أيام من اندلاع الحرب، أعلن بهلوي عن خطة انتقالية تمتد لـ100 يوم، مهيئاً لـ”اليوم التالي لسقوط النظام”.

وفي مقطع فيديو نشره على منصة “إكس”، صرّح بأن “الجمهورية الإسلامية انتهت وهي على وشك السقوط”، مؤكداً استعداد المعارضة لتشكيل “حكومة وطنية ديمقراطية”.

لكن هذا السيناريو يواجه عقبات واضحة، أبرزها ضعف القبول الشعبي داخل إيران، خاصة بين الشباب والفئات الدينية والطبقات الفقيرة.

كما أن خطابه الداعم للحرب أثار انتقادات واسعة، إذ وصف الهجمات الإسرائيلية بأنها “فرصة ذهبية”، ما دفع عدداً من المعارضين إلى مطالبته بالتراجع عن هذه التصريحات، ورفض التماهي مع تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال إن “المعركة ليست مع الشعب الإيراني”.

ثانياً: صعود “مجاهدي خلق” بقيادة مريم رجوي

على الجانب الآخر، تبرز منظمة “مجاهدي خلق” كأحد أقدم التيارات المعارضة لنظامي الشاه والجمهورية الإسلامية، وتمثلها حالياً مريم رجوي من خلال “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”، وهو كيان يتمتع بحضور سياسي نشط في العواصم الأوروبية، وإن كان تأثيره داخل إيران محدوداً حتى اليوم.

رجوي ألقت خطاباً يوم أمس الأربعاء (18 يونيو 2025) في البرلمان الأوروبي أكدت فيه أن الحرب الإسرائيلية تمثل مرحلة مفصلية في مستقبل إيران والمنطقة، مشيرة إلى أن “الحرب الحقيقية بدأت منذ 44 عاماً، في 20 يونيو 1981، حين بدأ نضال الشعب الإيراني ضد حكم الفاشية الدينية”، معتبرة أن الحل الوحيد هو إسقاط النظام عبر مقاومة شعبية وليس عبر مساومات أو تدخلات خارجية.

وبرغم خبرة المنظمة الطويلة في المعارضة وكشفها عام 2002 عن البرنامج النووي الإيراني السري، إلا أن حضورها داخل إيران ما يزال ضعيفاً.

كما أن سجلها المعقّد، وخصوصاً دعمها للعراق خلال الحرب الإيرانية-العراقية، يجعل الكثير من الإيرانيين يتوجسون منها رغم نضالها الطويل ضد النظام الحالي وكذلك نظام الشاه.

ثالثاً: انتفاضة شعبية بلا قيادة موحدة

واحد من السيناريوهات المطروحة أيضاً هو حدوث تغيير داخلي من خلال انتفاضة شعبية واسعة، دون قيادة مركزية موحدة، على غرار ما شهدته البلاد في احتجاجات 2019 و2022، والتي قُمعت بعنف.

ويرى بعض المحللين أن هذا السيناريو أكثر واقعية، لكنه محفوف بالمخاطر بسبب غياب هيكل تنظيمي قادر على تولي السلطة بعد سقوط النظام، ما قد يفتح الباب لفوضى سياسية وأمنية.

رابعاً: النموذج العراقي

يطرح بعض المراقبين احتمال انتقال إيران إلى نموذج مشابه لما حدث في العراق بعد 2003، أي انهيار النظام المركزي، وبروز صراعات طائفية وعرقية، خاصة في ظل التركيبة المتنوعة للمجتمع الإيراني، ووجود تباينات بين الفرس والعرب والأكراد والبلوش والتركمان.

لكن هذا السيناريو يخشاه الكثيرون، لأنه قد يؤدي إلى حالة من الانقسام والتفكك بدلاً من التغيير الإيجابي.

خامساً: تدخل دولي

في حال أدى التصعيد العسكري إلى فراغ في السلطة، قد تطرح قوى دولية فكرة تشكيل مجلس انتقالي تحت إشراف أممي أو دولي، لضمان استقرار البلاد ومنع الانزلاق إلى الفوضى أو سيطرة جماعات متطرفة.

هذا السيناريو يستند إلى تجارب سابقة في دول شهدت انهيارات سياسية مفاجئة، إلا أنه قد يواجه مقاومة من الشارع الإيراني بسبب الحساسيات التاريخية تجاه التدخل الأجنبي.

مستقبل غير محسوم

رغم تعدد السيناريوهات، فإن المشهد الإيراني يبدو معقداً للغاية، لا سيما مع غياب قيادة موحدة للمعارضة، واستمرار النظام الحالي في استخدام أدواته الأمنية والإيديولوجية للبقاء.

ويجمع معظم المراقبين على أن “اليوم التالي” في إيران بعد سقوط نظام خامنئي لن يكون سهلاً، وأن طبيعة المرحلة الانتقالية ستتوقف على موازين القوى، وموقف الشارع الإيراني، وتعامل المجتمع الدولي مع نتائج الحرب الجارية.

Exit mobile version