
مرصد مينا
في خطوة هامة لرفع المعاناة عن سكان قطاع غزة، تم إقرار الخطة المصرية لإعادة الإعمار خلال القمة العربية التي انعقدت في القاهرة أمس الثلاثاء.
تسعى الخطة إلى تحسين الوضع الإنساني والتنموي في القطاع من خلال إعادة تأهيل البنية التحتية، مع التركيز على التعافي المبكر بعيداً عن القضايا الأمنية والسياسية الشائكة.
في الوقت ذاته، تعمل مجموعة عمل عربية مصغرة على بحث الجوانب الأمنية والسياسية المتعلقة بالقطاع، بما في ذلك ترتيبات الحكم الانتقالي.
إطار الخطة وأهدافها الإنسانية
وفقاً لمصدر عربي رفيع المستوى، قدمت الخطة المصرية “إطاراً شاملاً” لإعادة إعمار غزة، حيث تهدف إلى معالجة القضايا الإنسانية والتنموية دون التطرق إلى الملفات السياسية الحساسة التي تتطلب نقاشات موسعة.
كما أكد المسؤول ذاته أن الجهود الأمنية المتعلقة بالحكم في القطاع تسير بالتوازي مع المبادرة، مشيرًا إلى أن هناك تدريبات تجري في مصر والأردن لتدريب قوات غير فصائلية للمساهمة في استقرار الوضع في غزة.
تحديات سياسية وأمنية
رغم موافقة القمة العربية على الخطة، إلا أنها واجهت انتقادات من الجانب الإسرائيلي، بينما تمسك الموقف الأمريكي بخطة الرئيس دونالد ترامب الخاصة بغزة.
يُظهر هذا الصراع تبايناً حاداً في الرؤى بين الأطراف الدولية، حيث يعتقد المحلل السياسي عماد الدين أديب أن الوضع في غزة معقد ويحتاج إلى حلول عملية.
من جهة أخرى، يرى أديب أن القيادة الإسرائيلية، في ظل حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية، غير مهتمة بتخفيف التوترات في القطاع، إذ أن أي تسوية قد تؤدي إلى نهاية مستقبله السياسي.
أما الولايات المتحدة، فيبدو أنها تتبنى مقاربة اقتصادية عقارية للقضية الفلسطينية، حيث تركز على المصالح التجارية والعوائد الاقتصادية بدلاً من البحث عن حل سياسي مستدام.
مصير غزة
رغم تأييد القمة العربية لخطة الإعمار، تظل هناك تساؤلات حول قدرتها على التنفيذ في ظل استمرار التوترات الأمنية.
يشير أديب إلى معضلة مهمة وهي: “هل يمكن تنفيذ عملية الإعمار في ظل وجود القوات الإسرائيلية في القطاع؟” إضافة إلى المخاوف من استمرارية الصراع في حال بقاء حماس مسلحة.
كما يطرح تساؤلات حول مدى استعداد الدول المانحة مثل اليابان والصين والولايات المتحدة لتمويل مشروع قد يتعرض للتدمير مجدداً في حال تجدد العنف.
الدور الفلسطيني ومستقبل حماس
تؤكد القمة العربية على ضرورة تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة تحت إشراف السلطة الفلسطينية، مع تدريب قوات أمنية غير فصائلية لضمان الاستقرار في المنطقة.
يرى أديب أن هذا المسار تم الاتفاق عليه منذ قمة الرياض، حيث من المتوقع أن تتولى السلطة الفلسطينية تدريجياً مهامها في قطاع غزة، مما يؤدي إلى إنهاء سيطرة الفصائل المسلحة على القرار الأمني.
وتضع هذه التطورات حماس أمام مفترق طرق تاريخي. إما أن تتحول إلى قوة سياسية ضمن إطار الدولة الوطنية أو تظل فصيلاً مسلحاً مما قد يعوق جهود الإعمار والتسوية.
في هذا السياق يشير أديب إلى أن المجتمع الدولي لن يتعامل مع كيانين وسلاحين في القطاع، بل يتطلب الأمر سلطة واحدة وقوة أمنية موحدة.
تحديات مستقبلية وآفاق الحراك العربي
في ختام تحليله، يعتقد أديب أن المبادرة العربية تمثل فرصة ربما تكون الأخيرة لإعادة ترتيب المشهد الفلسطيني، لكنها تواجه العديد من التحديات، أبرزها رفض بعض الأطراف للسلام.
كما أشار إلى أن الأطراف العربية هي الأكثر تضرراً من فشل المبادرة، في حين أن حماس وحزب الله ونتنياهو لديهم مصلحة في استمرار الصراع.
ودعا أديب إلى ضرورة تغيير الثقافة السائدة في المنطقة من “ثقافة الموت” إلى “ثقافة الإعمار والتنمية”، مؤكداً أن أي حل مستدام لا بد أن يشمل حواراً بين الولايات المتحدة وإيران، حيث تلعب طهران دوراً كبيراً في التأثير على حماس وحزب الله.