مرصد مينا – سوريا
لم يكن انسحاب رجل الأعمال السوري القرب من النظام، “محمد حمشو”، من انتخابات مجلس الشعب، المفاجأة الوحيدة في الانتخابات، وإنما شملت أيضاً حالات احتيال على مرشحين، من بينهم المرشحة عن قائمة أصالة حلب، “سندس ماوردي”، التي قالت إنها فوجئت قبل ساعات قليلة من بدء الانتخابات، بشطب اسمها من القائمة دون علمها وإضافة اسم بديل عنها.
وكان النظام السوري قد نظم أمس، الأحد، ثالث انتخابات لمجلس الشعب منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، في مناطق سيطرته، مستثنياً مناطق سيطرة المعارضة.
مجلس المعاقبين..
بحسب “ماوردي”، فإن المرشح البديل لها في قائمة أصالة حلب، كان رجل الأعمال، “حسام أحمد القاطرجي”، وهو أحد رجال الأعمال المشمولين بالعقوبات الدولية المفروضة على النظام السوري، مشيرةً إلى أنها تعرضت لعملية احتيال واضحة.
وتضم قائمة أصالة حلب، المخرج السوري المقرب من النظام، والرئيس الأسبق لمجلس الشعب بالوكالة، “نجدت أنزور”، الذي سبق له إخراج عدة أعمال درامية، دعمت وجهة نظر النظام حيال الثورة وربطها بالمؤامرة والإرهاب.
في السياق ذاته، يشير المحلل السياسي “حسام يوسف”، لمرصد مينا إلى أن الانتخابات الجارية، ستفرز مجلس من المعاقبين دولياً وليس نواب للشعب السوري، لافتاً إلى أن عدد كبير من رجال الأعمال والسياسيين المرشحين، والذين يملكون فرصاً شبه محسومة للفوز، مدرجين على قوائم العقوبات.
وكان من بين المرشحين للمجلس، رجل الأعمال المعاقب دولياً، “براء قاطرجي”، بالإضافة إلى رجل الأعمال المقرب جداً من النظام، “فارس الشهابي”، المرشح ضمن قائمة حلب الشهباء.
وجود كم كبير من رجال الأعمال المعاقبين بين المرشحين للمجلس، يشير بحسب “يوسف” إلى أن النظام يتجه أكثر نحو التعنت حيال المطالب الدولية بعملية انتقال سياسي، ما يعني أن البلاد خلال الفترة القريبة القادمة ستشهد فرض المزيد من العقوبات، خاصةً وان أولائك المرشحين يعتبرون من الأسماء الناجحة بنسبة شبه كاملة، على حد وصفه.
ويتنافس في الانتخابات الحالية 2200 مرشح من مناطق سيطرة النظام، على 250 مقداً داخل مجلس الشعب، الذي يسيطر حزب البعث الحاكم منذ أكثر من خمسين عاماً على ثلثي مقاعده، بموجب قانون الجبهة الوطنية التقدمية والمادة الثامنة من الدستور، التي تنص على أن حزب البعث هو قائد المجتمع والدولة، والتي تم إلغاءها شكلياً في تعديل الدستور عام 2012.
مهمة روسية وصراع مع إيران
قرار رجل الأعمال “محمد حمشو” الانسحاب المفاجئ من الانتخابات، التي كان يملك نسبة نجاح فيها تصل إلى مئة في المئة، يربطها مصدر خاص، في حديثه مع مرصد مينا، بالصراع الإيراني – الروسي على النفوذ في سوريا، كاشفاً عن وجود توجه روسي للحد من نفوذ المقربين من إيران داخل الدوائر السياسية، خاصة المرتبطة بالعاصمة السورية، دمشق.
ويعتبر “حمشو” المنحدر من أصول دمشقية، أحد أكبر رجال الأعمال المقربين من إيران، والذي زادت علاقاته مع النظام الإيراني إبان الثورة السورية، حيث تصفه المعارضة السورية بأنه أحد أكبر ممولي الميليشيات المقاتلة إلى جانب النظام طيلة 9 سنوات.
رغبة روسيا في تحجيم الدور الإيراني داخل الدوائر السياسية والتشريعية التابعة للنظام، تغذيها، وفقاً للمصدر، رغبة روسيا بتمرير الكثير من القرارات والاتفاقات، التي ترسخ وجودها في سوريا وتعطيه المزيد من الشرعية أمام المجتمع الدولي، لافتاً إلى وجود قلق لدى موسكو من حدوث إزعاجات من قبل أعضاء المجلس المدعومين من إيران للخطة الروسية، لا سيما وأن الكثير من السياسيين السوريين المحسوبين على إيران، أطلقوا خلال الأشهر الماضية سلسلة انتقادات مباشرة للروس، على حد قوله.
وبدأ الحديث عن وجود الخلافات بين حليفي الأسد الأساسيين، مع التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا، عام 2015، والذي جمد نفوذ الميليشيات الإيرانية، ومنح الروس أفضلية في القرار السوري، ما أدى إلى ظهور أنباء عن دور إيراني في استهداف قاعدة حميميم بالطيران المسير خلال الأشهر الماضية، انطلاقاً من منشآت في مدينة اللاذقية، تابعة لرجال أعمال وقادة ميليشيات مقربين من إيران.
مسرحية غير شرعية..
فترة ما بعد الانتخابات يصفها المصدر، بأنها فترة شرعنة وترسيخ الوجود الروسي بشكل مطلق، سياسياً واقتصاديا، وأنها ستحمل العديد من القرارات، التي من شأنها القضاء على ما تبقى من السيادة السورية، كما أنها ستحول البلاد فعلياً إلى شيشان جديدة، مشيراً إلى أن روسيا اختارت أن تحد من نفوذ إيران في مجلس الشعب بدلاً من إنهائه بالشكل الكلي، كونها لا تزال بحاجة إلى وجود الميليشيات الإيرانية على الأرض السورية، على اعتبار أن قوات المعارضة لا تزال تمتلك العديد من مناطق النفوذ تحديداً في الشمال.
رد الفعل الأكثر تصعيداً وتوقعاً جاء من الائتلاف الوطني السوري، ورئيسه، “نصر الحريري”، الذي يصف الانتخابات بأنها مسرحية تفتقد لكامل مقومات الشرعية الوطنية، لافتاً إلى أنها تجري تحت إشراف الجيش والأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد ولا تعكس إرادة الشعب السوري.
كما يشير الائتلاف الوطني إلى أن الانتخابات الوحيدة التي يتم الاعتراف فيها هي الانتخابات المتضمنة في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 والخاص بسوريا، مشدداً على أن الانتخابات الحالية، فاقدة للشرعية والمصداقية، لا سيما وأنها تقتصر فقط على مناطق سيطرة النظام.
وينص القرار 2254 على قيام عملية سياسية في سوريا تقود إلى هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات تشرف على عملية انتخابية نزيهة وشفافة لاختيار برلمان ورئيس يمثل الشعب السوري، وبمشاركة كل السوريين، وبإشراف مؤسسات أممية تضمن عملية انتخابية شفافة ونزيهة ومتوازنة.