
مرصد مينا
أظهر التصنيف السنوي الذي أصدرته منظمة “مراسلون بلا حدود” اليوم الجمعة، أن حرية الصحافة في العالم في أسوأ حالاتها على الإطلاق.
وكشفت المنظمة في تقريرها للعام 2025، عن تدهور شديد في وضع حرية الصحافة على مستوى العالم.
بحسب التقرير، يعيش أكثر من نصف سكان العالم في دول يتسم فيها وضع الصحافة “بخطورة بالغة”، مما يعكس الأوضاع الصعبة التي يواجهها الصحفيون في العديد من البلدان.
وتؤكد المنظمة أن الصحافة المستقلة باتت تشكل تهديداً مستمراً للأنظمة السلطوية حول العالم، حيث باتت العديد من وسائل الإعلام في خطر بالغ نتيجة للمضايقات والانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون.
وفيما يتعلق بأوضاع الصحافة في القارة الأوروبية، تبقى أوروبا المنطقة الوحيدة التي تتيح للصحفيين ممارسة عملهم بحرية نسبية.
ورغم الصعوبات التي يواجهها الصحفيون في بعض دول الاتحاد الأوروبي، لا تزال هذه المنطقة هي الأكثر احتراماً لحرية الصحافة مقارنة ببقية أنحاء العالم.
وصنف التحليل الوضع بـ”الجيد” فقط في سبع دول، جميعها في أوروبا.
النرويج في المرتبة الأولى، وإريتريا في أسفل القائمة
في تصنيف حرية الصحافة لعام 2025، تصدرت النرويج مرة أخرى قائمة الدول الأكثر حرية للصحافة، محتفظة بمكانتها في المرتبة الأولى للسنة التاسعة على التوالي. تليها في المرتبة الثانية إستونيا ثم هولندا، التي تُعد من الدول التي تتيح بيئة صحفية آمنة ومستقرة.
أما في الطرف الآخر من القائمة، فتظل إريتريا في المرتبة الأخيرة، متبوعة بكوريا الشمالية والصين.
ويعتبر الوضع في إريتريا من أسوأ الحالات في العالم، حيث يتم قمع الصحافة بشكل كامل وتتعرض وسائل الإعلام المستقلة للتهديد المستمر من قبل الحكومة.
تراجع ألمانيا
شهدت ألمانيا تراجعاً طفيفاً في تصنيفها لعام 2025، حيث هبطت إلى المركز الحادي عشر بعد أن كانت في المركز العاشر العام الماضي.
يعزى هذا التراجع إلى تصاعد التهديدات والهجمات على الصحفيين، وخاصة من قبل الجماعات اليمينية المتطرفة.
كانت أبرز هذه التهديدات تأتي من أطراف ذات صلات بحزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف الذي يُتهم بتشجيع مشاعر العداء ضد الصحافة المستقلة.
كما أشار تقرير المنظمة إلى أن الوضع التحريري في ألمانيا شهد تدهوراً ملحوظاً، حيث واجه الصحفيون عقبات كبيرة في تغطية بعض القضايا الحساسة مثل النزاع في الشرق الأوسط.
كما سجل التقرير تدهوراً في الأوضاع الاقتصادية للمؤسسات الإعلامية، مما يهدد استدامة الصحافة المستقلة في البلاد.
حرية الصحافة تتراجع في الولايات المتحدة بسبب ترامب
أما في الولايات المتحدة، فقد تراجعت مرتبتها في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، حيث هبطت إلى المركز السابع والخمسين.
يُعزى هذا التراجع إلى السياسة الإعلامية التي اتبعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي شملت هجمات يومية على الصحافة، وهو ما أثر سلباً على قدرة الصحفيين على العمل في بيئة آمنة.
وأشار التقرير إلى أن الإدارة الأمريكية “سيست المؤسسات وخفضت الدعم لوسائل الاعلام المستقلة وهمشت الصحافيين” الذين باتوا يتعرضون “لعدائية متنامية” فيما “تنهار الثقة بوسائل الاعلام”.
كما سلط التقرير الضوء على سياسة ترامب في تفكيك بعض وسائل الإعلام العامة في الخارج مثل “صوت أمريكا” وحجب المعلومات عن مئات الملايين من الأشخاص حول العالم.
الضغط الاقتصادي على الصحافة
في تحليل موسع، سلطت “مراسلون بلا حدود” الضوء على الضغوط الاقتصادية التي تواجه وسائل الإعلام حول العالم. إذ تواجه الصحافة في أكثر من 160 دولة صعوبات مالية تهدد استدامتها، حيث تُجبر العديد من المؤسسات الإعلامية على تقليص نطاق عملها أو حتى إغلاق أبوابها بسبب نقص الموارد.
ويُعد هذا التدهور المالي أحد العوامل الرئيسة التي تسهم في تراجع وضع الصحافة المستقلة حول العالم، ويزيد من خطر نشر المعلومات المضللة والدعاية الكاذبة.
كما أشار التقرير إلى أن هذه الضغوط الاقتصادية قد تؤدي إلى اختفاء العديد من وسائل الإعلام المحلية والدولية، مما يقلل من قدرة الصحفيين على التحقيق في قضايا الفساد وفضح الانتهاكات الحقوقية.
الدعوات لتعزيز الصحافة المستقلة
ختاماً، أكد التقرير على أهمية تعزيز الموارد المالية لوسائل الإعلام المستقلة، في ظل التهديدات المتزايدة التي تواجه الصحافة.
وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة، آنيا أوسترهاوس، إن الصحافة المستقلة تعد حجر الزاوية للمجتمعات الديمقراطية، وعليه يجب دعمها لضمان حرية التعبير وضمان وصول المعلومات الموثوقة لجميع المواطنين.
وأشار التقرير إلى أنه في حال استمرار هذا التدهور، فإن الصحافة قد تجد نفسها في موقف صعب للغاية، حيث يصبح الكشف عن المعلومات الدقيقة أمراً أكثر تعقيداً في ظل القيود المتزايدة على الصحفيين في مختلف أنحاء العالم.